في الدنيا والآخرة ، فهو الأساس في ذلك كله ، ولكن الناس قد يغفلون عنه ، وقد يبتعدون بأفكارهم عن الخط الواضح في هذا الاتجاه ، فيستسلمون لبعض الأفكار المضلّلة التي قد يرون فيها النجاة من كل خطر ، ثم تفاجئهم الحقيقة في نهاية الطريق بالخطإ الكبير الذي وقعوا فيه ، فإذا بهم على شفير الهاوية التي تنتظرهم لتذهب بهم إلى الهلاك الأبدي ، حيث الحسرة الكبرى والمصير الأسود.
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) الذين خسروا بدرجة عالية ، لأنهم أضافوا إلى الخسارة الواقعية على صعيد النتائج العملية السلبية ، خسارة الحلم الكبير الذي استسلموا له ، وعاشوا معه ومع الصورة الحلوة الساحرة زمنا طويلا ، في ما كان يخيّل إليهم من تحركهم في خط المستقبل الواسع الذي تنتظرهم فيه الأحلام السعيدة ، فإذا به يتحول إلى ما يشبه الكابوس الجاثم على صدورهم. (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فتحرّكوا في مواقع التّيه ، وعاشوا في أجواء الضياع الروحي والفكري والعملي ، بعيدا عن الخطوط المستقيمة التي تؤدي إلى ساحات الأمان حيث الفلاح والنجاة والنجاح. وهم ، في ذلك كله ، يطلقون الأفكار في أكثر من اتجاه ، ويخططون للمشاريع على أكثر من صعيد ، ويثيرون المشاعر في أكثر من مجتمع ، فيستسلمون للفكرة الخادعة التي توحي إليهم بأنهم على حق ، في الوقت الذي يتخبطون فيه في الباطل ، وتخيّل إليهم أنهم في مواقع الخير يتحركون ، بينما هم في أو حال الشر يتخبطون ، فيسيئون إلى أنفسهم وإلى من حولهم وإلى الحياة في ذلك كله ... (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) ثم تنكشف لهم الحقيقة ، فيسقطون صرعى الخيبة الكبيرة والخسران العظيم والحسرة الكبرى.
وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان في أحد فريقين :
الفريق الأول : الناس الذين يخضعون للتوجيه السيّئ والتخطيط الشرّير ،