الرسول صلىاللهعليهوسلم إذا سمع أن معاملة الكفار لأنبيائهم سيئة .. خف ذلك على قلبه ، لأن المصيبة إذا عمت خفت.
وثالثها : أن الكفار إذا سمعوا هذه القصص ، وعلموا أن العاقبة للمتقين كان ذلك سببا في انكسار قلوبهم ، ووقوع الخوف والوجل في نفوسهم. وحينئذ يقلعون عن أنواع الإيذاء والسفاهة ...» (١).
ونوح ـ عليهالسلام ـ : واحد من أولى العزم من الرسل ، وينتهى نسبه إلى شيث بن آدم ـ عليهالسلام ـ وقد ذكر في القرآن في ثلاثة وأربعين موضعا.
وكان قومه يعبدون الأصنام ، فأرسل الله إليهم نوحا ليدلهم على طريق الرشاد.
وقد تكررت قصته مع قومه في سورة الأعراف ، وهود ، والمؤمنون ، ونوح ... بصورة أكثر تفصيلا.
أما هنا في سورة يونس فقد جاءت بصورة مجملة ، لأن الغرض منها هنا ، إبراز جانب التحدي من نوح لقومه ، بعد أن مكث فيهم زمانا طويلا ، يدعوهم إلى عبادة الله وحده ، وترك عبادة غيره.
والمعنى : واتل ـ يا محمد ـ على مسامع هؤلاء المشركين الذين مردوا على افتراء الكذب ، نبأ نوح ـ عليهالسلام ـ مع قومه المغترين بأموالهم وكثرتهم ليتدبروا ما في هذا النبأ من عظات وعبر. وليعلموا أن سنة الله ـ تعالى ـ قد اقتضت أن يجعل العاقبة للمتقين.
والمقصود من هذه التلاوة ، دعوة مشركي مكة وأمثالهم ، إلى التدبر فيما جرى للظالمين من قبلهم ، لعلهم بسبب هذا التدبر والتأمل يثوبون إلى رشدهم ويتبعون الدين الحق الذي جاءهم به نبيهم محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقوله : (يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ ..) بيان لما قاله لهم بعد أن مكث فيهم زمنا طويلا ، ، وسمع منهم ما سمع من استهزاء بدعوته ، ، وتطاول على أتباعه.
أى : قال نوح لقومه بعد أن دعاهم ليلا ونهارا : يا قوم إن كان (كَبُرَ عَلَيْكُمْ).
أى : شق وعظم عليكم (مَقامِي) فيكم ووجودى بين أظهركم عمرا طويلا (وَتَذْكِيرِي) إياكم بآيات الله الدالة على وحدانيته وقدرته ، ، والتي تستلزم منكم إخلاص العبادة له والشكر لنعمه.
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ١٧ ص ١٣٥.