موسى ـ عليهالسلام ـ كانت لهم ولفرعون وقومه.
والمعنى : وكما أرسلناك يا محمد لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ، أرسلنا من قبلك أخاك موسى إلى قومه لكي يخرجهم ـ أيضا ـ من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان. فالغاية التي من أجلها أرسلت ـ أيها الرسول الكريم ـ هي الغاية التي من أجلها أرسل كل نبي قبلك ، وهي دعوة الناس إلى إخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ وخص ـ سبحانه ـ موسى بالذكر من بين سائر الرسل. لأن أمته أكثر الأمم المتقدمة على هذه الأمة الاسلامية.
وأكد ـ سبحانه ـ الإخبار عن إرسال موسى بلام القسم وحرف التحقيق قد ، لتنزيل المنكرين لرسالة النبي صلىاللهعليهوسلم منزلة من ينكر رسالة موسى ـ عليهالسلام ـ وقوله ـ تعالى ـ : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) معطوف على قوله (أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ).
والتذكير : إزالة نسيان الشيء ، وعدى بالباء لتضمينه معنى الإنذار والوعظ : أى ذكرهم تذكير عظة بأيام الله.
ومن المفسرين من يرى أن المراد بأيام الله : نعمه وآلاؤه.
قال ابن كثير : قوله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) أى : بأياديه ونعمه عليهم ، في إخراجه إياهم من أسر فرعون وقهره وظلمه وغشمه ، وإنجائه إياهم من عدوهم ، وفلقه لهم البحر ، وتظليله إياهم بالغمام ، وإنزاله عليهم المن والسلوى» (١).
ومنهم من يرى أن المراد بها ، نقمه وبأساؤه.
قال صاحب الكشاف : قوله : «وذكرهم بأيام الله» أى : وأنذرهم بوقائعه التي وقعت على الأمم قبلهم ، كما وقع على قوم نوح وعاد وثمود ، ومنه أيام العرب لحروبها وملاحمها ، كيوم ذي قار ، ويوم الفجار ، وهو الظاهر» (٢).
ومنهم من يرى أن المراد بها ما يشمل أيام النعمة ، وأيام النقمة.
قال الإمام الرازي ما ملخصه : «أما قوله «وذكرهم بأيام الله» فاعلم أنه ـ تعالى ـ أمر موسى في هذا المقام بشيئين ، أحدهما : أن يخرجهم من الظلمات إلى النور. والثاني : أن يذكرهم بأيام الله.
ويعبر عن الأيام بالوقائع العظيمة التي وقعت فيها ... (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ).
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٣ ص ١٦٨.
(٢) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٣٦٧.