يا معشر الخزرج ؛ إن كان هذا الأمر فيكم دون قريش فعرّفونا ذلك وبرهنوا (كذا؟!) حتى نبايعكم (الأوس) عليه ، وإن كان لهم دونكم فسلّموه إليهم.
فشتمه الأنصار وأخرجوه من بينهم ، فانطلق مسرعا (١).
فصادف في طريقه صديقه البلويّ معن بن عديّ فيما ذكر المدائني والواقدي فاتفقا على تحريض أبي بكر وعمر وصرفه عن الأنصار (٢).
فأتى معن بن عدي إلى عمر العدوي وأخذ بيده وقال له : قم يا عمر ؛ فقال عمر ؛ أنا مشغول عنك! فقال : لا بدّ من قيام! فقام معه ، فقال له :
إن هذا الحيّ من الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة حول سعد بن عبادة يقولون له : أنت المرجّى ونجلك المرجّى ، وقد خشيت الفتنة (٣) فانظر ما ترى يا عمر! واذكر (هذا الأمر) لاخوتك المهاجرين واختاروا لأنفسكم ، فإني أنظر إلى باب الفتنة قد فتحت الساعة ، إلّا أن يغلقها الله!
ففزع عمر ، وأتى إلى أبي بكر فأخذ بيده وقال له : قم ، فقال أبو بكر : أين نبرح؟! أنا مشغول عنك حتى نواري رسول الله! فقال عمر : لا بدّ من قيام وسنرجع إن شاء الله (٤). وفي خبر أبي مخنف : لما أتى الخبر عمر أقبل إلى منزل النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأبو بكر في الدار ، وعلي بن أبي طالب عليهالسلام دائب في جهاز رسول الله ، فأرسل عمر إلى أبي بكر : أن اخرج إليّ! فأرسل إليه : إني مشتغل! فأرسل إليه : أن قد حدث أمر لا بدّ لك من حضوره! فخرج إليه فقال له : إن الأنصار قد اجتمعت
__________________
(١) عن الموفّقيات في شرح النهج للمعتزلي ٦ : ١٩.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ٦ : ١٩ عن المدائني والواقدي. وفي أنساب الأشراف ١ : ٥٨١.
(٣) وسيأتي في خطبة فاطمة عليهاالسلام : ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين!
(٤) عن الجوهري في شرح النهج للمعتزلي ٦ : ٧٢٦.