وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس ويصبّ الماء ابنه عبد الرحمن وأوصى إلى ابنته عائشة أن يدفن إلى جنب النبيّ. وتوفي في غيبة الشمس أو بين المغرب والعشاء وصلّى عليه عمر وحفروا له بحيث جعل رأسه عند كتفي أو رجلي النبيّ من خلفه (١) ، وسطّح القبر ورش عليه الماء والعرصة حمراء.
وأقامت له ابنتاه عائشة وأسماء ومعهن أم فروة اخته زوجة الأشعث بن قيس مجلس النياحة ومعهنّ نسوة ، وذلك في حجرة عائشة ولعله حول القبرين. وأقبل عمر ومعه هشام بن الوليد (أخو خالد المخزومي) وبيده درّته! حتى وقف بباب الحجرة بحيث يسمعن صوته فنهاهن عن ذلك ، فلم يقلعن فنادى : يا هشام ، ادخل فأخرج إليّ ابنة أبي قحافة اخت أبي بكر. وسمعته عائشة ، وأراد هشام ليدخل فقالت له عائشة : إني أحرّج عليك بيتي! وناداه عمر : ادخل فقد أذنت لك! فدخل هشام وعرف أمّ فروة فأخذها إلى عمر فعلاها بدرّته! وضربها ضربات ، فتفرق النسوة (٢).
__________________
(١) على اختلاف الروايتين عن القاسم بن محمد بن أبي بكر في الطبري ٣ : ٤٢٢ ـ ٤٢٣ ، والتنبيه الإشراف : ٢٥١ ، فراجع وقارن واعجب للفرق وقل : من أين نشأ هذا؟!
(٢) الطبري ٣ : ٤٢١ ـ ٤٢٣ ، عن ابن سعد الطبقات الكبرى ٣ : ٢٠٩ ، وفي تاريخ المدينة للنميري البصري ١ : ٦٧٦ عن الزهري ، ولم يرو عن عائشة تخطئة لعمر على مثل ذلك إلّا عند وفاته لما أخبرها بوفاته ابن عباس فقالت : رحم الله عمر! والله ما حدّث رسول الله : إنّ الله ليعذّب المؤمن ببكاء أهله عليه لكنه قال : إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه. البخاري ٢ : ١٠١ ، ومسلم ٦ : ٢٣٢ ، وفي اليعقوبي ٢ : ١٥٧ : لما بلغه وفاة خالد بن الوليد جزع وبكاه آل عمر وقال عمر : حق لهن أن يبكين على أبي سليمان! وكان ابن خاله ٢ : ١٣٩ ، ومع ذلك لم تجرؤ عائشة على تلك التصحيحة لحديثه على عهده قبل موته!