فأخذ بضبعيه رجلان حتى أقاموه بين يديه ، والترجمان يترجم له ، ومع المغيرة سيفه ورمحه. فقال له الملك : إنكم معشر العرب أصابكم جهد ، فإن شئتم مرناكم ورجعتم؟!
فقال المغيرة : إنا معشر العرب كنا أذلة يطؤنا الناس ولا نطؤهم ، ونأكل الكلاب والجيف ، ثم إن الله تعالى بعث منّا نبيّا أوسطنا حسبا وأصدقنا حديثا .. وأخبرنا بأشياء وجدناها كما قال لنا ، وإنه وعدنا فيما وعدنا به : أنا سنملك ما هاهنا ونغلب عليه. وإني أرى هاهنا هيئة وبزّة ما من خلفي بتاركيها حتى يصيبوها أو يموتوا (١)!
وكان موقع المسلمين على نحو فرسخ من نهاوند إلى الدينور (٢) وبينهم نهر ، فقال الملك : إن شئتم قطعنا إليكم وإن شئتم قطعتم إلينا. فقال المغيرة : بل نقطع إليكم (٣).
فقطعوا النهر إليهم ، والتقوا يوم الأربعاء والخميس والجمعة (٤) واقتتلوا قتالا شديدا وقتل النعمان بن مقرّن ، ولكن الله فتح لهم نهاوند وهزم الفرس (٥).
وكانوا مائة وخمسين ألفا! ومقدّمهم الفيروزان ، وانهزم إلى ثنيّة همذان وهرب في الجبل وتبعه القعقاع حتى قتله (٦).
__________________
(١) مروج الذهب ٢ : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.
(٢) مروج الذهب ٢ : ٣٢٤.
(٣) مروج الذهب ٢ : ٣٢٣.
(٤) تاريخ خليفة : ٨٣.
(٥) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٥٦.
(٦) تاريخ ابن الوردي ١ : ١٤١.