وأما الطبري فإنه بعد أن نقل المفصّل من خبر الشورى عن عمر بن شبّة عن علي بن محمد المدائني عن أبي مخنف عن عمرو بن ميمون الأدوي الأنصاري وعبيد الله بن عمر (١) في سبع صفحات تقريبا ، ذكر سنده إلى المسور بن مخرمة : أنّ الخمسة من أهل الشورى ـ غير طلحة ـ نزّلوا عمر في قبره (!) ثم خرجوا لبيوتهم فناداهم خاله ابن عوف : إلى أين؟ هلمّوا ، فتبعوه إلى داره التي فيها زوجته فاطمة ابنة قيس الفهري ـ اخت الضحّاك بن قيس الفهري ـ وبدأ بالكلام فقال :
يا هؤلاء ، إن عندي رأيا وإن لكم نظرا ، فاسمعوا تعلموا وأجيبوا تفقهوا ... أنتم أئمة يهتدى بكم ، وعلماء يصدر إليكم ، فلا تفلّوا المدى بالاختلاف بينكم ، ولا تغمدوا السيوف عن أعدائكم فتوتروا ثاركم وتولتوا (تنقصوا) أعمالكم ، لكل أجل كتاب ، ولكل بيت إمام بأمره يقومون وبنهيه يزعون قلّدوا أمركم واحدا منكم تمشوا الهوينا وتلحقوا الطلب. لو لا فتنة عمياء وضلالة حيراء ... ما عدت نيّاتكم معرفتكم ، ولا أعمالكم نياتكم. احذروا نصيحة الهوى ولسان الفرقة ، فإنّ الحيلة في المنطق أبلغ من السيوف في الكلم (الجرح) علّقوا أمركم رحب الذراع فيما حلّ ، مأمون الغيب فيما نزل ، رضا منكم وكلكم رضا ، ومقترعا منكم وكلكم منتهى ، لا تطيعوا مفسدا ينتصح ولا تخالفوا مرشدا ينتصر. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
ثم تكلّم أخو زوجته عثمان فقال : الحمد لله الذي اتخذ محمدا نبيّا وبعثه رسولا ، صدقه وعده ووهب له نصره ، على كل من بعد نسبا أو قرب رحما ، وجعلنا له تابعين وبأمره مهتدين ، فهو لنا نور ونحن بأمره نقوم ، عند تفرّق الأهواء ومجادلة
__________________
(١) كما في تاريخ الطبري ٤ : ٢٢٧ ، هذا والصحيح أن عمرو بن ميمون يروي عن عبد الله بن عمر كما فيه : ٢٣٢.