الأعداء! وجعلنا الله بفضله أئمة وبطاعته أمراء! لا يخرج أمرنا منّا ولا يدخل علينا غيرنا إلّا من سفه الحقّ ونكل عن القصد ، وأحربها ـ يا ابن عوف ـ أن تترك واحذر بها أن تكون! إن خولف أمرك وترك دعاؤك فأنا أول مجيب لك وداع إليك ، وكفيل بما أقول زعيم ، واستغفر الله لي ولكم.
ثم تكلّم الزبير بن العوام بعده فقال : أما بعد فإن داعي الله لا يجهل ومجيبه لا يخذل ، عند تفرّق الأهواء وليّ الأعناق ، ولن يقصر عمّا قلت إلّا غوىّ ولن يترك ما دعوت إليه إلّا شقيّ ، لو لا حدود لله فرضت وفرائض لله حدت ... لكان الموت من الإمارة نجاة والفرار من الولاية عصمة! ولكن لله علينا إجابة الدعوة وإظهار السنة ، لئلا نموت ميتة عميّة ولا نعمى عمى جاهلية! فأنا مجيبك إلى ما دعوت ومعينك على ما أمرت ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله ، واستغفر الله لي ولكم.
ثم تكلم سعد بن أبي وقاص فقال : الحمد لله بديئا كان وآخرا يعود ، أحمده لما نجّاني من الضلالة وبصّرني من الغواية ، فبهدى الله فاز من نجا وبرحمته أفلح من زكا ، وبمحمد بن عبد الله أنارت الطرق واستقامت السبل ، وظهر كل حق ومات كل باطل. إياكم ـ أيها النفر ـ وقول الزور وأمنية أهل الغرور ، فلقد سلبت الأمانيّ قوما قبلكم ورثوا ما ورثتم ونالوا ما نلتم ، فاتّخذهم الله عدوّا ولعنهم لعنا كبيرا ... إني انكب قرني (جعبتي) فآخذ سهمي وآخذ لطلحة بن عبيد الله ما ارتضيت لنفسي! فأنا به كفيل وبما أعطيت عنه زعيم! والأمر إليك ـ يا ابن عوف ـ بجهد النفس وقصد النصح ، وعلى الله قصد السبيل وإليه الرجوع ، واستغفر الله لي ولكم.
ثم تكلم عليّ بن أبي طالب [عليهالسلام] فقال : الحمد لله الذي بعث محمدا منّا نبيّا ، وبعثه إلينا رسولا ، فنحن بيت النبوة ومعدن الحكمة ، وأمان أهل الأرض ونجاة لمن طلب (١). لنا حق إن نعطه نأخذه وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل ولو طال السرى.
__________________
(١) من هنا نقله الرضيّ في نهج البلاغة في قصار الجمل : ٢٢.