وعليه فتسيير ابن مسعود كان بعد صلاة الوليد وقبل عزله عام (٢٩ ه) وكان ذلك لمواقفه السياسية لا للخلاف على القرآن.
وإنما عزل عثمان الوليد بسعيد بن العاص الذي كان في لجنة المصاحف ، ونرى من الأعضاء فيها عبد الله بن العباس وعبد الله بن الزبير وهما مع سعيد بن العاص في غزو طبرستان عام (٣٠) ، ولم يعد سعيد إلى المدينة إلّا عام (٣٤) قبل مقتل عثمان بسنة ، فيظهر أن كل ذلك كان بعد إتمام أعمالهم في المصاحف وإرسالها إلى البلدان.
ونرى في الأخبار : أن عثمان لما كتب المصاحف بلغه أن أهل الكوفة يقرءون بقراءة ابن مسعود فتعجّل وبعث إليهم بالمصحف قبل العرض والمقابلة بسائر النسخ (١).
وبعث معه قارئا يقرؤهم هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي (٢) وهذا يعني عزل ابن مسعود عن سمة تعليم القرآن التي كان بعثه بها عمر إلى الكوفة.
وهنا يقول اليعقوبي : بعث بمصحف إلى الكوفة ... وكتب بجمع المصاحف من الآفاق ... وكان ابن مسعود بالكوفة فامتنع أن يدفع مصحفه ، فكتب عثمان بإشخاصه (٣) وعليه فاليعقوبي يسند استعادة ابن مسعود إلى المدينة إلى خلافه في المصاحف.
__________________
(١) عن المصاحف لابن داود : ٣٥.
(٢) التمهيد ١ : ٢٩٨ و٢ : ١٠ ، وتلخيصه ١ : ١٧٤ و٢١٤.
(٣) اليعقوبي ٢ : ١٧٠ وفيه : أنه كتب إلى عبد الله بن عامر بإشخاصه ، فلعلّه وهم ، أو كان ذلك بعد عزل الوليد وقبل وصول سعيد فكان والي البصرة يلي أمر الكوفة ، ولم يذكر هذا في التاريخ.