وعاد ابن مسعود إلى المدينة ودخل المسجد وعثمان يخطب (يوم الجمعة) فلما رآه عثمان قال (في خطبته) : إنه قد قدمت عليكم دابّة سوء (١)! من تمشي على طعامه يقيء ويسلح (٢).
وعرف ابن مسعود أنه أراده فردّه وقال : لست كذلك ، ولكنّي صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر ، وصاحبه يوم احد ، وصاحبه يوم الخندق ، وصاحبه يوم بيعة الرضوان ، وصاحبه يوم حنين.
وسمعت عائشة كلام عثمان فصاحت به : أيا عثمان ؛ أتقول هذا لصاحب رسول الله؟! فناداها عثمان : اسكتي! ونادى بمولى له أسود يدعى ابن زمعة : أخرجه إخراجا عنيفا! وكان ابن مسعود قصيرا دقيق الساقين ، فلما احتمله العبد ليخرجه من المسجد ناداه ابن مسعود : أنشدك الله أن لا تخرجني من مسجد خليلي رسول الله!
فحمله العبد ورجلا ابن مسعود تختلفان على عنق العبد حتى أخرجه إلى باب المسجد فضرب به الأرض فكسر ضلعا من أضلاعه! فصاح ابن مسعود : قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان (٣)!
فقال علي عليهالسلام لعثمان : يا عثمان! أتفعل هذا بصاحب رسول الله بقول الوليد؟!
فقال : ما فعلت هذا بقول الوليد ، ولكن وجّهت إليه زبيد بن الصلت الكندي إلى الكوفة فقال له ابن مسعود : إنّ دم عثمان حلال!
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٧٠.
(٢) السلح : الخرء.
(٣) أنساب الأشراف ٥ : ٣٦ ، والشافي ٤ : ٢٧٩ ـ ٢٨٢ ، وتلخيصه ٤ : ١٠٤ ، واليعقوبي ملخصا.