فإني مسيّرك إلى الربذة. قال : الله أكبر ، صدق رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قد أخبرني بكل ما أنا لاق! قال عثمان : وما قال لك؟ قال : أخبرني بأني أمنع عن مكة والمدينة وأموت بالربذة ويتولّى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز! (فلم يردع ذلك عثمان) بل أمر أن يتجافاه الناس حتى يسير إلى الربذة.
وخرج أبو ذر فبعث إلى جمل له فجيء به فحمل عليه امرأته ـ وقيل : وابنته ـ وحضر مروان يسيّره عنها حتى طلع من المدينة ، فطلع عليه عليّ ومعه ابناه الحسن والحسين وأخوه عقيل وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر. فاعترض مروان وقال : يا علي ، إنّ أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر أو يشيّعوه ، فإن كنت لم تدر بذلك فقد أعلمتك!
فحمل عليه عليّ بالسوط وضرب بين اذني راحلته وقال له : تنحّ نحّاك الله إلى النار (١).
ولم يذكر اليعقوبي والمسعودي كلماتهم ، ورواها الكليني في «روضة الكافي» بسنده عن أبي جعفر الخثعمي (٢) ، قال : شيّعه أمير المؤمنين والحسنان عليهمالسلام وعمار بن ياسر وعقيل ، فلما كان الوداع قال له علي عليهالسلام : يا أبا ذر ، إنك إنما غضبت لله فارج من غضبت له ، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك ، فأرحلوك عن الفناء ، وامتحنوك بالبلاء ، وو الله لو كانت السماوات والأرض على عبد رتقا ثم اتّقى الله عزوجل جعل له منها مخرجا ، فلا يؤنسك إلّا الحقّ ، ولا يوحشك إلّا الباطل.
__________________
(١) مروج الذهب ٢ : ٣٤١ ، وروى الطوسي في الأمالي : ٧١٠ ، م ٤٢ ، الحديث ١٥١٤ عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري خبرا صدره في محاورة عثمان لأبي ذر في تخيير البلاد ثم حصر منفاه في الربذة ، وسيأتي تمام الخبر.
(٢) ورواه المعتزلي عن الجوهري بسنده عن عكرمة عن ابن عباس عن ذكوان مولى أمّ هانئ وكان حاضرا حافظا ، شرح النهج ٨ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣.