وروى الطبري عن أبي بشير العائذي قال : كنت بالمدينة حين قتل عثمان ، فبعد ما قتل عثمان اجتمع المهاجرون وفيهم طلحة والزبير ، والأنصار ، واختلفوا إلى علي عليهالسلام مرارا ، حتى أتوه آخر مرة فقالوا له : قد طال الأمر ولا يصلح الناس إلّا بإمرة!
فقال لهم : إنكم قد اختلفتم إليّ وأتيتم ، فأنا قائل لكم قولا إن قبلتموه قبلت أمركم ، وإلّا فلا حاجة لي فيه. قالوا : ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله.
فجاء فصعد المنبر واجتمع الناس فقال لهم : إني قد كنت كارها لأمركم فأبيتم إلّا أن أكون عليكم ، ألا وإنه ليس لي أمر دونكم إلّا أن مفاتيح مالكم معي ، ألا وإنه ليس لي أن آخذ منه درهما دونكم! رضيتم؟ قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد عليهم (١).
وروى الطوسي في أماليه بسنده عن مالك بن أوس الأنصاري : أنه عليهالسلام قام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، وصلّى على النبي وآله ثم قال : أما بعد ، فإنّي كنت كارها لهذه الولاية ـ يعلم الله في سماواته وفوق عرشه ـ على امة محمد صلىاللهعليهوآله ، حتى اجتمعتم على ذلك فدخلت فيه ، وذلك أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «أيّما وال ولي أمر أمّتي من بعدي اقيم يوم القيامة على حدّ الصراط ، ونشرت الملائكة صحيفته ، فإن نجا فبعذابه ، وإن جار انتفض به الصراط انتفاضة تزيل ما بين مفاصله ، حتى يكون بين كل عضو وعضو من أعضائه مسيرة مائة عام ، ويخرق به الصراط ، فأول ما يلقى به النار أنفه وحرّ وجهه» ولكنّي لما اجتمعتم عليّ نظرت فلم يسعني ردّكم حيث اجتمعتم ، أقول ما سمعتم ، واستغفر الله لي ولكم (٢).
__________________
(١) الطبري ٤ : ٤٢٧ ـ ٤٢٨.
(٢) أمالي الطوسي : ٧٢٧ ، الحديث ١٥٣٠ ، م ٤٤.