ما كنت قائلة لو أن رسول الله عارضك ببعض الفلوات ناصّة قلوصا (بعيرا) من منهل إلى آخر (١)؟ إنّ بعين الله مهواك وعلى رسول الله تردين وقد وجّهت سدافته (زيّنت حجابه عليك بخرز الوجاهة) وتركت عهده (أمّا أنا) فلو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي : ادخلي الفردوس ، لاستحييت أن ألقى رسول الله هاتكة حجابا قد ضربه عليّ.
اجعلي حصنك بيتك ، ورباعة الستر قبرك حتى تلقينه وأنت على تلك الحال ، أطوع لله ما تكونين لزمتيه ، وأنصر للدين ما تكونين جلست عنه (٢)!
ولو ذكّرتك من رسول الله في عليّ خمسا تعرفينه لنهشتني نهش الحيّة الرقشاء المطرقة (٣) بذات الحبب :
١ ـ أتذكرين إذ كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقرع بين نسائه إذا أراد سفرا ، فأقرع بينهنّ فخرج سهمي وسهمك ، فبينا نحن معه وهو هابط من قديد (قرب مكة) ومعه علي يحدثه ، فذهبت لتهجمي عليه ، فقلت لك : رسول الله معه ابن عمّه ولعلّ له إليه حاجة! فعصيتني ، ورجعت باكية! فسألتك فقلت : بأنك هجمت على عليّ فقلت له : يا علي ، إنما لي من رسول الله يوم من تسعة أيام وقد شغلته عنّي! فأخبرتيني أنه صلىاللهعليهوآله قال لك : أتبغضيه؟ فما يبغضه أحد ـ من أهلي ولا من أمّتي ـ إلّا خرج من الإيمان! أتذكرين هذا يا عائشة! قالت : نعم.
__________________
(١) نقل قطعة من الخبر إلى هنا اليعقوبي في تاريخه ٢ : ١٨٠ ، ١٨١ وهنا قال : فنادى مناديها : ألا إن أمّ المؤمنين مقيمة فأقيموا! فأتاها طلحة والزبير فأزالاها عن رأيها وحملاها على الخروج!
(٢) معاني الأخبار : ٣٧٥ مسندا عن ابن مزاحم عن أبي مخنف ، وعن يزيد بن رومان في الاختصاص : ١١٧ ، وفي شرح الأخبار ١ : ٣٧٩ ، الحديث ٣٢٣ مرسلا.
(٣) إلى هنا رواه الطبرسي في الاحتجاج ١ : ٤٤٤ ، عن الصادق عليهالسلام مرسلا.