٢ ـ ويوم أراد رسول الله سفرا وأنا أحيس له حيسا (١) أو : أجشّ له جشيشا (٢) فقال لنا : ليت شعري ايتكنّ صاحبة الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب (٣) فرفعت يدي من الحيس أو من الجشيش وقلت : أعوذ بالله أن أكنه! فقال : والله لا بدّ لاحدكما أن تكونه ، فاتقى الله يا حميرا أن تكونيه! أتذكرين هذا يا عائشة؟ قالت : نعم.
٣ ـ ويوم لبسنا ثيابنا وجاء رسول الله صلىاللهعليهوآله فجلس إليك وقال لك : يا حميراء أتظنين أني لا أعرفك؟ أما إن لامتي منك يوما مرّا! أتذكرين هذا يا عائشة؟ قالت : نعم.
٤ ـ ويوم جمعنا رسول الله صلىاللهعليهوآله في بيت ميمونة فقال لنا : يا نسائي ، اتّقين الله ولا يسفر بكنّ أحد ، أتذكرين هذا يا عائشة؟ قالت : نعم (٤).
٥ ـ واذكّرك أيضا : كنّا مع رسول الله في سفر له ، وكان عليّ يتعاهد أثواب رسول الله فيغسلها ونعليه فيخصفهما (يصلحهما) فثقبت له نعل فأخذها يومئذ وقعد في ظل شجرة سمرة يصلحها وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب. ودخلا عليه يحادثانه فيما أرادا ، ثم قالا له : يا رسول الله ، إنا لا ندري قدر ما تصحبنا ، فلو أعلمتنا من تستخلف علينا ليكون بعدك مفزعا لنا؟! فقال لهما :
__________________
(١) الحيس : التمر المعجون بالسمن ، وهذا على نقل للمعتزلي في شرح النهج ٦ : ١١٧ عن أبي مخنف.
(٢) الجشيش : حنطة مجروشة تطبخ بلحم أو تمر ، وهذا على رواية الاختصاص : ١١٨.
(٣) الأدبب : مثل الدبّ في وفرة الفروة ، فهل علمت أمّ سلمة بأن ذلك يكون في هذا الخروج لعائشة!
(٤) الاختصاص : ١١٨ ـ ١١٩ مسندا.