أما إنّي قد أرى مكانه ، ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران ، فسكتا ثم خرجا.
فلما رجعا خرجنا إليه ، وكنت أجرأ عليه فقلت له : يا رسول الله من كنت مستخلفا عليهم؟
فقال : خاصف النعل ، فنظرنا فلم نر أحدا إلّا عليا ، فقلت : يا رسول الله ما أرى إلّا عليا؟ فقال : هو ذاك. فقالت عائشة : نعم أذكر ذلك (١).
ثم قالت : ما أقبلني لوعظك! وأسمعني لقولك! فإن أخرج ففي غير حرج! وإن أقعد ففي غير بأس ، ثم قامت فخرجت.
وأرسلت رسولا ينادي في الناس : من أراد أن يخرج فليخرج (ولكن) أمّ المؤمنين غير خارجة!
وبلغ ذلك الزبيرين فأرسلا عليها عبد الله ، فما زال يزيلها عن رأيها حتى أزالها ، وحملها على أن يخرج رسولها فينادي في الناس : من أراد أن يسير فليسر ، فإن أم المؤمنين خارجة (٢)! وكتبت أمّ سلمة بذلك إلى علي عليهالسلام (٣).
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ٦ : ٢١٨ عن كتاب الجمل لأبي مخنف.
(٢) الاختصاص : ١١٩ مسندا عن يزيد بن رومان.
(٣) شرح النهج للمعتزلي ٦ : ٢١٨ عن كتاب الجمل لأبي مخنف ، ثم تملّص المعتزلي عن مظنّة نصّه صلىاللهعليهوآله في الخبر على علي عليهالسلام ، بقوله : إنما قال : لو قد استخلفت أحدا لا ستخلفته! ولم يقل : قد استخلفته ، فذلك لا يقتضي حصول الاستخلاف! ويجوز أن تكون مصلحة المكلّفين ـ إذا تركهم النبيّ وآراءهم ولم يعيّن أحدا ـ أن يختاروا لأنفسهم من شاءوا! كما يجوز أن لو كان النبيّ مأمورا بأن ينصّ على إمام بعينه من بعده : أن تكون مصلحة المكلفين متعلقة بالنصّ عليه!