وحمله إلى الأحنف بن قيس فأنفذه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام (١).
فلما رآه العسكر سألوه : من أنت؟ قال : أنا رسول الأحنف بن قيس!
وكان أمير المؤمنين لا زال في فسطاطه خارج البصرة ، فلما انتهى إليه خرج إليه الأشتر رجلا ضخما طويلا لا بسا درعا ، وأخذ يتجسّسه وسأله : من أنت؟ قال : أنا رسول الأحنف بن قيس. قال له : مكانك حتى استأذن لك. فاستأذن له ، فأذن له ، فدخل وإذا بين يدي أميرالمؤمنين ترس عليه أقراص من شعير! فسلّم عليه عن الأحنف وهنّأه بالفتح عليه وقال : وقد قتلت الزبير وهذا رأسه وسيفه وألقاهما بين يديه!
فسأله أمير المؤمنين : كيف قتلته؟ فحدثه ما صنع به ، فقال له : ناولني سيفه! فتناوله واستلّه وقال : سيفه أعرفه ، أما والله لقد قاتل بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله غير مرة ، لكنّه الحين (الموت) ومصارع السوء (٢)! ثم تفرس في وجه الزبير وقال : لقد كان لك برسول الله صلىاللهعليهوآله صحبة وقرابة ، ولكنّ الشيطان دخل منخريك فأوردك هذا المورد (٣).
ثم قال عليهالسلام : أما والله لو لا ما كان من أمر حاطب بن أبي بلتعة ، ما اجترأ الزبير على قتالي! وإن الزبير كان أقرب إلي من طلحة ، وما زال الزبير منا أهل البيت حتى بلغ ابنه فقطع بيننا (٤).
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٣٩٠.
(٢) الجمل للمفيد : ٣٨٨.
(٣) الجمل للمفيد : ٣٩٠.
(٤) الجمل للمفيد : ٣٨٩ ويشير بأمر ابن بلتعة إلى رسالته إلى أهل مكة بعزم النبيّ على فتحها ، بعث بها مع امرأة أخفتها في شعرها ، وأخبر بها النبيّ فأرسل عليا والزبير عليها فأنكرت وصدّقها الزبير ورجع عنها فقال عليّ : يخبرنا النبي وأنت تقول : لا كتاب معها؟! واستخرجه منها ، فحسده الزبير عليها ، وانظر هذه الموسوعة ٢ : ١٨٣.