ثم خرج أمير المؤمنين عليهالسلام فركب وأخذ عمار يمشي مع ركابه وتبعه جمع من أصحابه يطوف على القتلى يستعرضهم رجلا رجلا.
فمرّ بعبد الله بن خلف الخزاعي في ثياب حسان فقيل : هذا رأس الناس!
فقال عليهالسلام : ليس برأس الناس ، ولكنّه شريف منيع النفس.
ثم مرّ بعبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد فقال : هذا رأسهم كما ترونه صريعا (١).
وكان معبد بن المقداد بن الأسود البهرائي الكندي حليفهم قد مال مع أصحاب الجمل حتى قتل معهم ، فمرّ به علي عليهالسلام فقال : رحم الله أبا هذا ، أما إنه لو كان حيّا لكان رأيه أحسن من رأي هذا. فقال عمّار بن ياسر : الحمد لله الذي أوقعه وجعل خدّه الأسفل! إنا ـ والله ـ يا أمير المؤمنين ما نبالي من عند عن الحق من ولد ووالد!
فقال له علي عليهالسلام : رحمك الله وجزاك عن الحقّ خيرا.
ومرّ بعبد الله بن ربيعة بن درّاج فقال : ما أخرج هذا البائس؟ أدين أم نصر لعثمان والله ما كان رأي عثمان بحسن فيه ولا في أبيه.
ثم مرّ بمعبد بن زهير بن أبي أميّة المخزومي أخي أمّ سلمة فقال : لو كانت الفتنة برأس الثريا لتناوله هذا الغلام! والله ما كان فيها بذي نخيزة (طبيعة) ولقد أخبرني من أدركه وهو يولول خوفا من السيف!
__________________
المفيد في الجمل : ٤١٩ وردّ من قال إنهم خمسة عشر ألفا فقال : المشهور من الأخبار على أن مقطوعي الأيدي والأرجل ممن مات بعد ذلك نحو أربعة عشر ألفا! وفي عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٠٢ ، ما يؤيد العشرين ألفا ، فراجعه ، وفي أنساب الأشراف ٢ : ٢٦٥ ، عن أبي مخنف عشرين ألفا قولا واحدا.
(١) الجمل للمفيد : ٣٩١.