ثم مرّ بمسلم بن قرظة فقال : البرّ أخرج هذا ، والله لقد كلّمني أن اكلّم له عثمان في شيء كان يدّعيه قبله بمكة (فكلمت له عثمان) فأعطاه عثمان وقال لي : لو لا أنت ما أعطيته! ثم جاء هذا المشوم ينصر عثمان!
ثم مرّ بعبد الله بن حميد بن زهير فقال : هذا أيضا ممن زعم أنه يطلب الله في قتالنا! ولقد كتب إليّ كتبا يؤذي فيها عثمان حتى أعطاه شيئا فرضي عنه!
ومرّ بعبد الله بن حكيم بن حزام فقال : هذا خالف أباه في الخروج ، وأبوه قد أحسن في بيعته لنا ، وإن كان حيث شك في القتال كفّ وجلس ولم ينصرنا ، فلا ألوم من كفّ عنّا وعن غيرنا ولكن المليم الذي يقاتلنا.
ثم مرّ بعبد الله بن المغيرة بن الأخنس بن شريق فقال : أما هذا فقد قتل أبوه يوم قتل عثمان في الدار ، فخرج اليوم مغضبا لمقتل أبيه ، وهو غلام حدث حان مقتله.
ثم مرّ بابن عمّه عبد الله بن أبي عثمان بن الأخنس بن شريق فقال : أما هذا فإني نظرت إليه هاربا من الصفّ يعدو ، فنهنهت عنه فلم يسمع من نهنهت حتى قتله ، وكان هذا مما خفي على فتيان قريش ، أغمار (غير ذوي أعمار) لا علم لهم بالحرب ، خدعوا واستزلّوا فلما وقفوا وقعوا فقتلوا.
وهؤلاء كانوا من أشراف قريش ، فلما رآهم صرعى في القتلى قال لهم : جدعت أنفي! أما والله لقد كان مصرعكم لبغيضا إليّ! ولقد تقدمت إليكم وو حذّرتكم عضّ السيوف ، وكنتم أحداثا لا علم لكم بما ترون ، ولكنّه الحين (الموت) وسوء المصرع ، فأعوذ بالله من سوء المصرع!
ثم سار حتى وقف على كعب بن سور القاضي الأزدي وهو بين القتلى والمصحف لا زال في عنقه فقال لمن حوله : نحّوا المصحف وضعوه في مواضع الطهارة (١) (حكما فقهيا) ثم قال لهم : هذا الذي خرج علينا وفي عنقه المصحف
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٣٩٢.