أنشدكم الله! أتعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قبض وأنا أولى الناس به وبالناس من بعده؟ قالوا : اللهم نعم.
قال : فبايعتم أبا بكر وعدلتم عنّي ، فأمسكت ولم أحبّ أن أشق عصا المسلمين وافرّق جماعاتهم ، ثم إن أبا بكر جعلها لعمر من بعده ، فكففت ولم اهج الناس ، وقد علمتم أني كنت أولى الناس بالله وبرسوله وبمقامه ، فصبرت حتى قتل عمر وجعلني سادس ستة ، فكففت ولم احبّ أن افرّق بين المسلمين. ثم بايعتم عثمان فطعنتم عليه فقتلتموه وأنا جالس في بيتي ، فأتيتموني وبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر ، فما بالكم وفيتم لهما ولم تفوا لي؟ وما منعكم من نكث بيعتهما ودعاكم إلى نكث بيعتي (١)؟
ثم قال لهم : ويلكم يا معشر قريش علام تقاتلونني؟ على أن حكمت فيكم بغير عدل؟ أو قسمت بينكم بغير سويّة؟ أو استأثرت عليكم؟ أو لبعدي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ أو لقلّة بلاء منّي في الإسلام (٢)؟
هذا ، ولكنّ الرضيّ ارتضى خبرا آخر عن مروان : أنه أخذ أسيرا واتي به إلى علي عليهالسلام فاستشفع الحسنين عليهماالسلام فشفعا فيه فأطلقه ، فقالا : يبايعك؟
فقال عليهالسلام : أو لم يبايعني بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته ، إنها كفّ يهودية! ولو بايعني بكفّه لغدر بسبّته ، أما إنه يحمل راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه! وإن له امرة كلعقة الكلب أنفه! وهو أبو الأكبش الأربعة! وستلقى الامة منه ومن ولده يوما أحمر.
وقال المعتزلي في شرحه : روي هذا الخبر من طرق كثيرة (٣).
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٤١٦ ـ ٤١٧ ، وأمالي الطوسي ، الحديث ١١٠٩.
(٢) الجمل للمفيد : ٤١٣ عن الواقدي.
(٣) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ٦ : ١٤٦ ، والخطبة : ٧٣.