ثم قالت عليهاالسلام :
أنا فاطمة وأبي محمد أقولها عودا على بدء ، وما أقولها إذ أقول سرفا ولا شططا ، (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(١) ، إن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، بلّغ النذارة ، صادعا بالرسالة ، ناكبا عن سنن المشركين ، ضاربا لأثباجهم ، آخذا بأكظامهم ، داعيا إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يجذّ الأصنام ، وينكت الهام حتى انهزم الجمع وولّوا الدبر ، وحتى تفرّى الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وهدأت فورة الكفر ، وخرست شقاشق الشيطان ، وفهتم بكلمة الإخلاص (مع النفر البيض الخماص الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) (٢) وكنتم على شفا حفرة من النّار تعبدون الأصنام ؛ وتستقسمون بالأزلام ، مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الاقدام ، تشربون الرنق ، وتقتاتون القد ، أذلة خاسئين ؛ تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم (بأبي صلىاللهعليهوآله) بعد اللتيا والتي ، وبعد ما مني ببهم الرجال ، وذؤبان العرب ، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ، وكلما نجم قرن الضلالة ، أو فغرت فاغرة للمشركين قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها باخمصه ، ويخمد لهبها بحدّه ، مكدودا في ذات الله ، قريبا من رسول الله ، سيدا في أولياء الله ، وأنتم في بلهنية آمنون وادعون فرحون ، تتوكّفون الأخبار ، وتنكصون عند النزال على الأعقاب حتى أقام الله (بمحمد صلىاللهعليهوآله) عمود الدين.
__________________
(١) التوبة : ١٢٨.
(٢) ما بين القوسين من كشف الغمة ١ : ١١١.