كان الحكم المعلّل استثناء لمعيّن (١) ، ونحو ذلك ممّا لا يمكن أن
__________________
أقول : من الواضح أنّه قدسسره لا يعتدّ بمجرد الاحتمال مع انعقاد الظهور الدافع له وإلاّ لانسدّ باب العمل بالظواهر رأسا ، وإنّما يدّعي ـ حسبما أشرنا إليه آنفا ـ أن الظهور الأولي المنعقد لدليل الحكم المعلل في موضوعية المورد للحكم لا سبيل إلى إنكاره فلا بد من الأخذ به ، ولا يرفع اليد عنه إلاّ بظهور أقوى كما إذا كان معللا بتعليل مطلق صالح لأن يكون في قوّة الكبرى الكلية ـ حذو ما سمعت ـ ، أما إذا كان معللا بعلة مقيدة بالمورد ـ كالمثال ـ فبما أن التقييد بطبعه يقتضي الدخالة فلا مجال لرفع اليد عن الظهور الأولي المذكور وإلغائه بلا موجب ، إذ لا ظهور للتعليل مخالف له ، اللهمّ إلاّ إذا اقترن التعليل ـ المضاف إلى المورد ـ بما يدل ـ بوضوح ـ على عدم الخصوصية للمورد في الحكم ولا في علّية العلّة رأسا وأن العلة هو طبيعي الإسكار ، وعبارة الرواية التي أوردها ـ دام ظله ـ من هذا القبيل فإنّ ظهورها في أن مبغوضية الخمر ليست لاسمه وعنوانه بل للإسكار المترتب عليه غير قابل للإنكار ومقتضاه التعميم ، لكنّه أجنبيّ عن محل الكلام وقد صرّح المصنف الجدّ قدسسره ـ فيما سلف ـ بأنه لا مجال فيما هو من قبيل الواسطة في الثبوت لأن يطّرد ويكون واسطة للثبوت في غير المورد أيضا إلاّ بدليل آخر يدل على ذلك لا بنفس هذا التعليل ، فهو قدسسره يسلّم الاطراد بدليل آخر يدل عليه وإنما ينكره في مورد الاقتصار على التعليل المزبور في نحو قولنا : يحرم الخمر لإسكاره ، فلاحظ.
(١) هذا مثال لتقييد الحكم المعلّل بالمورد كما إذا قيل ( يجوز شرب كلّ مائع إلاّ الخمر لأنّه مسكر ) فإنّ المعلّل إنّما هو حرمة خصوص الخمر ، لأنّه المستثنى الخارج عن عموم الجواز في المستثنى منه ، لا مطلق الحرمة ، فالتعليل راجع إلى هذا الحكم الخاص بمورده.