والذي اختاره المصنّف في غير الرسالة (١) عدم الاعتداد بأذان المخالف مطلقا.
ولا يشترط في المؤذّن الذي يجتزأ بأذانه ـ هنا وفي غيره ـ البلوغ ، بل يجزئ ( و ) أي ( لو ) كان صغيرا ( مميّزا ) إجماعا (٢) ، ولقوله عليهالسلام : « لا بأس أن يؤذّن الغلام قبل أن يحتلم » (٣) ، وكما يسقطان عن الجماعة بذلك يسقطان عن المنفرد السامع بطريق أولى.
واعلم أنّ المراد بسقوط الأذان والإقامة في هذين الموضعين سقوط شرعيتهما واستحبابهما رأسا ، والأمر في الأول واضح ، والرواية (٤) صريحة فيه وفي الأمر بالمنع منه ثانيا ، وأما الثاني فظاهر المصنّف فيه ذلك أيضا.
وفي الذكرى جعل بقاء الاستحباب للإمام السامع احتمالا قال : « أمّا المؤذّن للجماعة والمقيم لهم فلا يستحبّ معه الأذان والإقامة لهم قطعا » (٥).
ويؤيّد ما ذكره ما نقل من فعل النبيّ صلىاللهعليهوآله ومن بعده من الأئمّة الراشدين والعلماء الصالحين ، فإنّهم لم يؤذّنوا ثانيا ، ولو كان مستحبّا لما واظبوا على تركه.
ولو قيل ببقاء الاستحباب مع سعة الوقت كان وجها ، فإنّه لا يقصر عن تعدّد المؤذّنين في المكان الواحد مجتمعين أو متراسلين ، وقد أجمع (٦) على جوازه ، واقتصار السلف على الأذان ، لتأدّي السنّة به ، وأنّ الركن الأعظم فيه الإعلام وقد حصل ، واشتغالهم بما هو أهمّ منه وإن بقيت الشرعية.
( و ) من أحكامه ( إعادة مريد الجماعة ) أذانه بعد أن أذّن ليصلّي منفردا على المشهور (٧)
__________________
(١) « الذكرى » ١٧٣ ، « الدروس » ١ : ١٦٤.
(٢) « الخلاف » ١ : ٢٨١ المسألة : ٢٣ ، « الذكرى » ١٧٢.
(٣) « الفقيه » ١ : ١٨٨ ـ ٨٩٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٨٠ ـ ١١١٢.
(٤) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٥٥ ـ ١٩٠.
(٥) « الذكرى » ١٧٣.
(٦) « شرائع الإسلام » ١ : ٩٣ ، « البيان » ١٤٠ ، لكن الشيخ في « الخلاف » ١ : ٢٩٠ قال : « لا بأس أن يؤذّن اثنان واحد بعد الآخر. دليلنا : إجماع الفرقة على ما رووه من أنّ أذان الثالث بدعة ، فدلّ ذلك على جواز الاثنين والمنع عمّا زاد على ذلك » ، ونحو هذا كلامه في « المبسوط » ١ : ٩٨.
(٧) قال في « الذكرى » ١٧٤ : « وبه أفتى الأصحاب ولم أر لها رادّا سوى الشيخ نجم الدين ، فإنه ضعّف سندها بأنّهم فطحية. ».