للندب ( تبيين الحروف بصفاتها المعتبرة ) عند علماء (١) التجويد وأهل (٢) العربيّة ( من الهمس والجهر والاستعلاء والإطباق والغنّة وغيرها ) من الصفات وأضدادها ، ( والوقف ) عطف على تبيين ، لأنّه أحد شقّي الترتيل ، فإنّه كما روي عن عليّ عليهالسلام : « حفظ الوقوف وبيان الحروف » (٣) ، وليس المراد مطلق الوقف ، بل الوقف ( التامّ ) هو الذي لا يكون للكلام قبله تعلّق بما بعده لفظا ولا معنى ، ( والحسن ) وهو الذي يكون له تعلّق من جهة اللفظ دون المعنى ، ومن ذلك يعرف وجه الوصف بالتامّ والحسن ، فإنّ الوقف على الحسن حسن في نفسه مفيد لحسن النظم وسهولة الفهم ، لكن لا يحسن الابتداء بما بعده للتعلّق اللفظي فهو دون التامّ.
( و ) الوقف ( عند فراغ النفس مطلقا ) سواء كان حينئذ أحدهما أم غيرهما من الأنواع المرخّصة أم الممنوعة.
ومن هنا يعلم أنّ مراعاة صفات الحروف المذكورة وغيرها ليس على وجه الوجوب كما يذكره علماء فنّه ، مع إمكان أن يريدوا به تأكيد الفعل كما اعترفوا به في اصطلاحهم على الوقف الواجب ، فإنّهم قالوا : إنّ الوجوب فيه ليس بالمعنى المصطلح شرعا بحيث يأثم بتركه ولو حمل الأمر بالترتيل على الوجوب ، كأنّ المراد ببيان الحروف : إخراجها من مخارجها على وجه يتميّز بعضها عن بعض بحيث لا يدمج بعضها في بعض ، وبحفظ الوقوف : مراعاة ما لا يحيل المعنى ، ويفسد التركيب ، ويخرج عن أسلوب القرآن الذي هو معجز بغريب أسلوبه وبلاغة تركيبه.
( وفي الفاتحة أربعة ) وقوف ( توأم ) على البسملة ، و « مالك يوم الدين » ، و « نستعين » ، وآخرها. وعشرة حسنة على « بسم الله » ، وعلى « الرحمن » ، وعلى « الحمد لله » ، وعلى « ربّ العالمين » ، وعلى « الرّحمن » ، وعلى « الرّحيم » ، وعلى « إيّاك نعبد » ، وعلى « المستقيم » ، وعلى « أنعمت عليهم » ، وعلى « غير المغضوب » ، ( وعلى أواخر
__________________
(١) « شرح المقدّمة الجزرية » ٥١.
(٢) « النهاية في غريب الحديث » ٢ : ١٩٤ ، « رتل ».
(٣) ذكره في « بحار الأنوار » ٦٧ : ٣٢٣.