لها من بين سائر الأغيار ، فإنّ أصل النعمة : الحالة التي يستلذّها الإنسان.
ونعم الله وإن كانت لا تحصى كما قال تعالى ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها ) (١) تنحصر في جنسين : دنيوي وأخروي.
والأوّل قسمان : موهبي وكسبي.
والموهبي قسمان : روحاني كنفخ الروح فيه وإشراقه بالعقل وما يتبعه من القوى كالفهم والفكر والنطق ، وجسماني كتخليق البدن والقوى الحالّة فيه والهيئات العارضة له من الصحّة وكمال الأعضاء.
والكسبيّ : تزكية النفس وتخليتها عن الرذائل ، وتحليتها بالأخلاق والملكات الفاضلة ، وتزيين البدن بالهيئات المطبوعة والحلّي المستحسنة وحصول الجاه والمال.
والثاني : أن يرضى عنه ويغفر ما سلف منه ويؤديه في أعلى علّيّين مع الملائكة المقرّبين أبد الآبدين.
والمراد من النعمة المطلوبة هنا ، التي تؤكّد الرغبة فيها وسؤال مثلها هو القسم الأخير ، وما يكون وصلة إلى نيله من القسم الأول ، وما عدا ذلك يشترك في نيله المؤمن والكافر.
( و ) استحضار ( الاستدفاع لكونه من المعاندين الكافرين المستخفّين بالأوامر والنواهي عند الباقي ) من السورة ، والمعنى طلب سبيل من أفاض عليهم نعمة الهداية دون الذين غضب عليهم من الكفّار والزائغين من اليهود والنصارى وغيرهم من الضالّين.
وجملة ما فرّقه رحمهالله على الفاتحة من سنن الاستحضارات القلبيّة رواه الفضل بن شاذان في علله ، عن الرضا عليهالسلام قال : « أمر الناس بالقراءة في الصلاة ، لئلا يكون القرآن مهجورا مضيّعا ، وليكون محفوظا مدروسا ، وإنّما بدأ بالحمد ، لأنّه ليس شيء من القرآن والكلام جمع فيه جوامع الخير والحكمة ما جمع في
__________________
(١) « النحل » ١٦ : ١٨.