يعبد السابق بعبادة لم يشركه فيها اللاحق ، ولا يلزم من اشتراكهما في أصل ثواب الجماعة مطلقا تساويهما ، فإنّ ثواب الجماعة مختلف اختلافا كثيرا باختلاف أئمّتها وكثير من أحوالها ، فالقدر المشترك هو أقلّ ما قدّره الله تعالى لمصلّي الجماعة ، ومن زاد في أوصافها وكمالاتها يزيد ثوابه بواسطة ذلك ، فليكن هنا كذلك.
وبهذا يظهر أنّ وجه الدقيقة هو الأول.
( وقطعها ) أي قطع الفريضة ( مع ) إمام ( الأصل ) واستئنافها معه على المشهور (١) ، وقد تقدّم ما يدلّ عليه بطريق أولى ، ومنعه بعض (٢) الأصحاب مطلقا ، وبعضهم (٣) نقلها إلى النافلة أيضا ، لأنّه في معناه ( وقول المأموم سرّا ) كباقي الأذكار : ( الحمد لله ربّ العالمين ، بعد ) فراغ الإمام من الفاتحة وبعد ( قول الإمام : سمع الله لمن حمده ).
ولو أكمل الدعاء المتقدّم كان أفضل مع سعة الزمان له بأن يقوله الإمام أو يقف بمقدار ما يقوله المأموم ، وإنّما اقتصر المصنّف على ما ذكر ، لاستحباب تخفيف الإمام المقتضي لترك ما زاد.
وروى محمّد بن مسلم ، عن الصادق عليهالسلام : « إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده قال من خلفه : ربّنا لك الحمد » (٤).
وهو حسن أيضا وإن أنكره في المعتبر (٥).
وعلى تقديره فهو ذكر مطلق ، وإنّما الكلام في خصوصيّته.
( وجلوس المسبوق في ) حال ( تشهّد الإمام ذاكرا لله ) تعالى ( مستوفزا ) أي غير مطمئنّ ( متجافيا ) عن موضع جلوسه بأن لا يتمكّن به كثيرا.
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ١ : ١٥٠ ، « نهاية الأحكام » ٢ : ١٥٩ ، « الذكرى » ٢٧٩.
(٢) نسبه في « مختلف الشيعة » ٢ : ٥١١ المسألة : ٣٦٨ إلى ابن إدريس ، وكذا في « الحدائق الناضرة » ١١ : ٢٥٩ ، و « الجواهر » ١٤ : ٣٦.
(٣) « فقه الرضا » ١٤٥ ، « الفقيه » ١ : ٢٤٩ نقلا عن رسالة أبيه.
(٤) « الذكرى » ١٩٩ ، ولم ترد في المصادر الحديثية ، نعم ورد قريب منها في « دعائم الإسلام » ١ : ١٦٣ ، وكذا في « أمالي الشيخ الصدوق » ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ـ ١٠ عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
(٥) « المعتبر » ٢ : ٢٠٤.