والمئنّة ـ بفتح الميم وكسر الهمزة وتشديد النون ـ : العلامة والمخلقة.
قال الهروي نقلا عن الأصمعي أنه « قال : سألني شعبة عن هذا الحرف ، فقلت : هو كقولك : علامة مخلقة ومجدرة ، قال أبو عبيد : يعني أنّ هذا ما يستدلّ به على فقه الرجل » (١).
( وكونه ) أي الإمام ( أفضلهم ) أي أفضل القوم الحاضرين ، تأسيا بفعل النبي صلىاللهعليهوآله وعليّ عليهالسلام في مباشرتهم الجمعة من غير استنابة ، وليزيد الإقبال على قوله والامتثال لأمره والازدجار عن نهيه.
( واتّصافه بما يأمر به وخلوّه عمّا ينهى عنه ) ، ليتمّ الغرض من وعظه كما مرّ ( وفصاحته ) أي اتّصافه بملكة يقتدر بها على التعبير عن مقصوده بلفظ فصيح ، أي خال عن ضعف التأليف وتنافر الكلمات والتعقيد في مركّبة ومن تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس اللغوي في مفردة.
( وبلاغته ) بمعنى اتّصافه بملكة يقتدر بها على التعبير عن الكلام الفصيح المطابق لمقتضى الحال ، واحترزنا بالملكة عمّن يحفظ خطبة بليغة ، فإنّه لا يسمّى بليغا ولا فصيحا ، بل لا بدّ من كون ذلك ملكة نفسانيّة له ، وعمّن يقدر على تأليفها بتكلّف شديد أو في حال نادر ، فإنّ ذلك لا يكون ملكة ، والمراد بمطابقة الحال أن يكون الكلام موافقا للزمان والمكان والسامع ، بحيث يلقي إلى كلّ سامع ما يليق بحاله ويصلح لعظته ، فإن اختلفوا في المقاصد راعى الأنفع.
( ومواظبته على أوائل الأوقات ) ، لأنّ ذلك أوفق لقبول عظمته ، وأدخل لقوله في القلوب ( وصعوده ) المنبر ( بالسكينة ) والوقار ( واعتماده ) حال الخطبة ( على ) عنزة أو قضيب أو ( قوس أو سيف وشبهه ) ، تأسّيا بالنبيّ صلىاللهعليهوآله ، فإنّه كان يعتمد على عنزته (٢).
__________________
(١) « غريب الحديث » للهروي ٤ : ٦١ ، « مأن ».
(٢) « سنن ابن ماجة » ١ : ٣٥٢ ـ ١١٠٧ ، « سنن أبي داود » ١ : ٢٨٧ ـ ١٠٩٦.