بل بحسب ما يتقدّمها ، فإنّها تتبعه ترقيقا وتفخيما.
والمراد بحروف التفخيم : الحروف المستعلية السبعة ، وأقواها تفخيما حروف الإطباق. فعلى هذا ألف ( الضّالِّينَ ) مفخّمة ، وما قبلها من ألفات الفاتحة مرقّقة ، وقس على ذلك غيرها.
ولا يجوز كون قوله : « وتفخيم » عطفا على « اجتناب » ، ليكون مأمورا بتفخيم الألف ، ويكون المراد الألف التي بعد ضاد ( الضّالِّينَ ) ، لأنّ ذلك وإن صحّ هنا ، لكن يفسد قوله بعد ذلك : « وإخفاء الهاء » بل تكون ظاهرة ، فإنّه معطوف على ما أضيف إلى الاجتناب ليدخل في غيره قطعا.
( و ) اجتناب ( إخفاء الهاء ، بل تكون ظاهرة ) ، لأنّها حرف خفيّ بعيد المخرج فينبغي المحافظة عليها ، فكم من مقصّر فيها سيما إذا كانت مكسورة كـ ( عَلَيْهِمْ ) ، أو جاورها ما قاربها صفة أو مخرجا كـ ( اهْدِنَا ) و ( وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ) (١) ، و ( مَعَهُمُ الْكِتابَ ) (٢) ، أو وقعت بين ألفين كـ ( بَناها ) (٣) و ( ضُحاها ) (٤) لاجتماع ثلاثة أحرف خفيّة ، فليكن التحفّظ ببيانها خصوصا مع سكونها كـ ( اهْدِنَا ) أثبت.
( وترك الإدغام الكبير ) وهو ما كان الحرف الأول فيه ـ سواء كانا مثلين أم جنسين أم متقاربين ـ متحرّكا.
سمّي كبيرا ، لكثرة وقوعه ، إذ الحركة أكثر من السكون ، أو لتأثيره في إسكان المتحرّك قبل إدغامه ، أو لما فيه من الصعوبة ، أو لشموله نوعي المثلين والجنسين والمتقاربين.
ومثاله في الفاتحة ( الرَّحِيمِ مالِكِ ) بإدغام الميم في الميم في قراءة أبي عمرو ويعقوب (٥) ، وإنّما كان تركه أفضل ( في الصلاة ) ، لأنّ التفكيك أفصح وأكثر حروفا فيكثر
__________________
(١) « يونس » ١٠ : ٥٥.
(٢) « الحديد » ٥٧ : ٢٥.
(٣) « الشمس » ٩١ : ٥.
(٤) « النازعات » ٧٩ : ٢٩.
(٥) « النشر في القراءات العشر » ١ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣.