واعلم أنّ ظاهر الخبر (١) يقتضي أنّ النوافل تكمّل ما فات من الفريضة بسبب ترك الإقبال بها وإن لم يقبل بالنوافل بل متى كانت صحيحة ، إذ لو لا ذلك لاحتاجت النوافل حينئذ إلى مكمّل آخر ويتسلسل ويبقى حينئذ حكم النافلة التي لم يقبل بها عدم قبولها في نفسها ، وعدم ترتّب أصل الثواب أو كثيرة عليها وإن حصل بصحيحها جبر الفريضة وقبولها.
ولو أقبل بالنافلة لحصل بها جبر الفريضة مع الثواب الجزيل عليها.
ولو أقبل بهما تضاعف الثواب وتمّ القرب والزلفى.
ونحو هذا الحديث رواه أبو حمزة الثمالي قال : رأيت عليّ بن الحسين عليهماالسلام يصلّي ، فسقط رداؤه عن منكبه ، فلم يسوّه حتّى فرغ من صلاته ، قال : فسألته عن ذلك ، فقال : « ويحك أتدري بين يدي من كنت؟ إنّ العبد لا يقبل منه صلاة إلّا ما أقبل فيها » فقلت : جعلت فداك هلكنا ، فقال : « كلّا إنّ الله يتمّ ذلك بالنوافل » (٢).
وهذا أوضح من الأوّل فيما ذكرناه (٣) من جبر النوافل للفريضة مطلقا ، ومن أنّ الرفع كناية عن القبول.
ويحتمل أن يراد بالرفع في الخبر السالف : رفعه من سماء إلى سماء إلى أن يعرض على الله تعالى ، كما وقع مصرّحا في خبر (٤) معاذ ، الطويل ، وهو يستدعي زيادة التفات من الله تعالى ومضاعفة الثواب بسببها ، وذلك لا ينافي إثبات أصل الثواب عليها وإن لم يرفع على ذلك الوجه أصلا.
( و ) روى معاوية بن عمّار عن إسماعيل بن بشّار ، قال : ( قال الصادق عليهالسلام ) : « إيّاكم والكسل إنّ ربّكم رحيم يشكر القليل ( إنّ الرجل ليصلّي الركعتين ) تطوّعا ( يريد بهما وجه الله ، فيدخله الله ) بهما ( الجنة ) وإنّه ليتصدّق بالدرهم تطوعا يريد به وجه الله ،
__________________
(١) تقدّم في الصفحة : ١٦ ، الهامش (١).
(٢) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٤١ ـ ٣٤٢ ـ ١٤١٥.
(٣) تقدّم في الصفحة : ١٦ ، الهامش (٢).
(٤) لم نعثر على خبر معاذ في كتب الفريقين المتوفرة لدينا ، نعم صرّحت بعض كتب التفسير بأنّ من معاني الرفع القبول ومنها : « تفسير أبي السعود » ٧ : ١٤٥ ، « تفسير القرطبي » ١٤ : ٣٢٩ ، « فتح القدير » ٤ : ٣٤١ ، عن قتادة.