فيدخله الله به الجنة ، وإنّه ليصوم اليوم تطوّعا يريد به وجه الله ، فيدخله به الجنّة » (١).
هذا جملة الحديث أخذ المصنّف منه موضع الحاجة ، نظرا إلى مقصده هنا.
والمراد من الرجل المذكور : المؤمن ، ليمكن الحكم باستحقاقه الجنّة ، إذ غيره لا يدخلها على ما تحقّق في محلّه (٢) ، ولا يقبل منه عمل وإن كثر.
وعلى هذا فالحكم بدخوله الجنّة بسبب الركعتين وبالدرهم والصوم ـ مع أنّه مستحقّ لدخولها بإيمانه قطعا ، وإن استحقّ معه عقابا فإنّه يستوفى منه أوّلا إن لم يحصل له مسقط ، ثمّ يدخلها حتما ، وإن لم يفعل المذكورات ـ إمّا بمعنى أنّ كلّ واحد منها سبب الاستحقاق والدخول بواسطة امتثال الأمر ، وقبول التكليف الموجب للثواب الذي لا يحصل إلّا في الجنّة وإن كان ذلك مشروطا بالإيمان الموجب لها أيضا ، وغايته تعدد أسباب دخولها الموجب لتأكّد الدخول.
أو بمعنى أنّه يدخلها قبل من لم يفعل ذلك وإن استحقّ الدخول ، نظير ما قيل فيما روي : « أنّ المتكبّر لا يدخل الجنّة » (٣) لأنّ المراد بـ « لا يدخلها » قبل دخول غير المتكبّر ولا معه ، بل بعده وبعد العذاب في النار على معصيته.
أو بمعنى أنّ هذه الأعمال تكفّر السيّئات الموجبة للنار قبل دخول المؤمن الجنة ، فإنّ الحسنات يذهبن السيّئات ، لكن لا مطلقا ، بل على بعض الوجوه ، فيمكن كون هذا منها.
والمراد حينئذ أنّه يدخل الجنّة بسبب ذلك من غير عذاب سبق ، أو يريد بها جنّة خاصّة ، فإنّ الجنان متعدّدة المحلّ والاسم والخاصيّة والهيئة ، فلعلّه يدخل بإيمانه جنّة مخصوصة منها ، وبعمل الصالح جنّة أخرى ، أو يراد به محلّ آخر ، ومن المشهور المستفيض : أنّ الجنان ثمان بأسماء مشهورة (٤).
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٣٨ ـ ٩٤١.
(٢) « كشف المراد » ٤١٤ ، « قواعد المرام » ١٦٠.
(٣) « الكافي » ٢ : ٣١٠ باب الكبر ، ح ٦ ، ٧ ، نحوه.
(٤) لمزيد الاطّلاع عن أسماء الجنان الثمانية انظر : « شرح العرشيّة » للشيخ الأحسائي ٢ : ١٢٢.