للفعل الذي هو الإعطاء المنسوب إلى الله تعالى ، وهو شرط بالاستعانة بخلاف المثال.
وأمّا الباء في قوله : « بشمالي » فتحتمل الظرفيّة أيضا على وجه التوسّع ، لأنّ اليد من شأنها أن ينسب إليها أخذ الأشياء وإن كانت معنويّة.
ومن هذا الباب رفع اليدين إلى الله تعالى بسؤال كلّ ما يحتاج إليه من أحوال الدنيا والآخرة ، ومنه حديث الهذلي (١) حين سأل النبيّ عليهالسلام عن دعاء ينتفع به ، إلى قوله : فقبض عليها بيده ، وسيأتي (٢).
والمراد هنا طلب ملء اليدين من الخير ، فطلب لليمنى الكتاب ، للمناسبة والدلالة على الرضى عنه ، فلمّا شغلت به بقيت اليسار ، فطلب لها الخلد في الجنان.
ويجوز بناؤه على حذف المضاف ، وهو براءة الخلد أو بشارته ونحو ذلك ، أي أعطني كتابي ، وهو كتاب الحسنات بيميني وصحيفة أخرى تتضمّن براءة الخلد وبشارته بشمالي.
ويحتمل كونها سببيّة ، أي بسبب غسلها ، أو نحوه من أعمال الخير ، كأنّه طلب إعطاء الكتاب باليمنى جزاء لغسلها ، والخلد في الجنان بسبب غسل اليسار.
وباء السببيّة ملحوظ في اليمين أيضا لتطابق الجملتين ، لكن حذفت لاشتغالها بالباء الأولى.
ونقل المصنّف (٣) رحمهالله عن بعض الفضلاء في هذا التركيب معنيين غير ما ذكرنا ، هما :
أحدهما : أن يكون المعنى : سهّل لي الخلد حتى أناله صفوا عفوا مفروغا كما يقول القائل في الأمر المفروغ منه : جعلته على يساري وورائي وخلف ظهري ، وتقديره : اجعلني فارغ القلب من خوف فقدان الخلد.
والثاني : أن يكون تقديره : وضع الجنة على هذا المثال ، فيأخذ الكتاب بيمينه ، ويأخذ
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ١٠٦ ـ ٤٠٤ ، وفيه : الهذيل ، وفي « الوسائل » ٦ : ٤٧٢ ـ ١٠ الهذيلي.
(٢) ورد ضمنا الصفحة : ٢٤٥ ـ ٢٤٦ من غير نسبة الدعاء إلى الهذلي.
(٣) لم يرد قول المصنّف هذا في كتبه المتوفّرة لدينا.