لكنّ الذي يشكل الأمر ما عن ظاهر بعض من دعوى الإجماع على وجوب إزالة النجاسة عن جسده قبل الدفن (١) وإن كان في سماع هذه الدعوى نظر ، فإنّ ظاهر من أوجب قرض الكفن مطلقا ـ كما ستعرفه ـ إنّما هو إرادة إبقاء الكفن بحاله ، وقرض موضع النجس منه ، لا نزعه وتطهير موضعه من الجسد ثمّ قرض الكفن تعبّدا.
وعلى هذا فلا يخلو القول بوجوب غسل الجسد عن تأمّل بل منع ، لكنّه أحوط ، إذ لا يفهم من الروايات إلّا المنع من إبقاء النجاسة والاجتزاء في إزالتها بقرض الكفن ، لا تعيّنه بحيث يفهم منها بالالتزام حرمة تبديل الكفن أو خلعه بعد اللّبس لشيء من الأغراض الصحيحة الغير المنافية لاحترام الميّت ، التي من أهمّها الخلع بقصد تطهير الجسد.
وحيثما جاز الخلع لسائر الأغراض ولو بحكم الأصل جاز للتطهير أيضا (و) بعد الخلع يتعيّن عليه غسل الجسد ، كما أنّه (إن لاقت) النجاسة (كفنه ، فكذلك) يتعيّن عليه حينئذ غسله أو تبديله ، لصيرورته بعد الخلع بمنزلة الكفن الابتدائي ، فالاحتياط بغسل الجسد والكفن في مثل المقام ـ بعد مصير جملة من الأصحاب بل أكثرهم بل قد سمعت من ظاهر بعضهم دعوى الإجماع عليه ـ ممّا لا ينبغي تركه (إلّا أن يكون) ذلك (بعد طرحه في القبر) ولم يتيسّر إزالتها وهو في قبره (فإنّها تقرض) حينئذ بلا شبهة ، ولا موقع للاحتياط في هذه الصورة ، إذ لا مجال لتوهّم وجوب غسل الجسد أو الكفن بعد توقّفهما على إخراجه من قبره ، حيث إنّ قرض الكفن في الفرض هو القدر المتيقّن من مورد الروايات ، و
__________________
(١) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣١٣ ، وانظر : مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٠٠.