أبي حمزة» (١) الحديث ، فإنّ ورودها في مقام بيان كيفيّة الاستقبال يمنع ظهورها في إرادة الوجوب التعبّدي ، كسائر الأوامر المتعلّقة بالأجزاء وشرائط العبادات.
نعم ، لا يتطرّق في هذه الروايات الخدشة المتقدّمة في رواية سليمان بن خالد من ظهورها في إرادة ما بعد الموت ، فإنّ المتبادر من هذه الروايات إرادة الاستقبال المعهود المتعارف حين الاحتضار ، والله العالم.
ثمّ إنّ مفاد المرسلة المتقدّمة إنّما هو وجوب استقبال المحتضر إلى أن يقبض ، فإذا قبض سقط وجوبه ، فلا يجب استمراره مستقبلا ولا استقباله ابتداء إن لم يكن ، للأصل ، لكنّ الاحتياط بذلك ما لم ينقل من محلّه ممّا لا ينبغي تركه ، بل لا يخلو القول بوجوبه ـ بعد كون إبقائه مستقبلا هو المعهود لدى المتشرّعة ، المنصرف إليه الأخبار الواردة في كيفيّة الاستقبال ـ عن وجه ، كما يؤيّده موثّقة عمّار في وجه وإن كان الأوجه خلافه ، لكن لا ينبغي الارتياب في رجحانه ، كما يدلّ عليه رواية سليمان بن خالد ، المتقدّمة (٢) ، فإنّ المأمور به فيها وإن كان هو التسجية تجاه القبلة لكنّه من قبيل تعدّد المطلوب ، لعدم تقيّد رجحان كلّ من التسجية والاستقبال بالآخر.
ويؤيّده ما رواه في الجواهر عن المفيد في إرشاده في وفاة النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال لعليّ عليهالسلام عند استحضاره : «فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك فامسح بها وجهك ثمّ وجّهني إلى القبلة وتولّ أمري ـ إلى أن قال ـ ثمّ قبض ـ صلوات الله عليه ـ ويد أمير المؤمنين عليهالسلام اليمنى تحت حنكه ففاضت نفسه فيها فرفعها إلى
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٦٥ / ١٥٢١ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب الاحتضار ، الحديث ١.
(٢) في ص ١٧.