يكون المراد بها نفي استحباب البقاء عند القبر بعد الدفن ، لا نفي استحباب التعزية بعده مطلقا.
وكيف كان فلا بدّ من حمل هذه الرواية على ما لا ينافي ما تقدّم ، أو ردّ علمها إلى أهله ، والله العالم.
ثمّ إنّه قد تعارف في هذه الأعصار جلوس أهل المصيبة واجتماعهم أيّاما ثلاثة أو أقلّ أو أكثر لإقامة العزاء وورود المعزّين عليهم.
وقد يستشعر من بعض الروايات كون الأمر كذلك من الصدر الأوّل.
مثل : ما رواه زرارة وغيره ، قال : أوصى أبو جعفر عليهالسلام بثمانمائة درهم لمأتمه ، وكان يرى ذلك من السنّة ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «اتّخذوا لآل جعفر طعاما فقد شغلوا» (١) إلى غير ذلك من الروايات المشعرة بذلك.
لكنّه مع ذلك لم يثبت استحباب الكيفيّة المتعارفة بعنوانه المخصوص به وإن استحبّ للواردين الورود عليهم بقصد التعزية وغيرها من العناوين الراجحة ، كما أنّه استحبّ لهم ذلك أيضا لأجل سائر العناوين الراجحة ، كتعظيم الميّت وتحصيل الأجر له بدعاء المؤمنين وقراءة القرآن والاستغفار له وترحّمهم عليه إلى غير ذلك من العناوين المرجّحة للفعل ، الموجبة لاستحبابه ، والله العالم.
(ويكره فرش القبر بالساج إلّا عند الضرورة) كما صرّح به في المتن وغيره ، بل عن الذكرى ومجمع البرهان وجامع المقاصد وروض الجنان نسبته إلى
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢١٧ / ٤ ، وفيه : عن حريز أو غيره ، الوسائل ، الباب ٦٨ من أبواب الدفن ، الحديث ١.