وتوهم أنّ إعساره حال موتها مانع من ثبوت حقّ لها عليه على هذا القول ، فلا يتجدّد لها ذلك بموته أو يساره ، مدفوع : بأنّ ما دلّ على مانعيّة الإعسار من حقّها لا يدلّ إلّا على منعه من لزوم كفنها عليه ما دام معسرا ومحتاجا إلى الأموال المستثناة له ، فليس كفن الزوجة من هذه الجهة إلّا كسائر الحقوق الماليّة المتعلّقة بذمّته ، المستتبعة ليساره أو ما هو بمنزلته من موته ، فيكفي فيه يساره في الجملة قبل تعذّر التكفين ، كما لا يخفى على من لاحظ دليله.
ثمّ إنّه لو مات الزوج بعدها ولم يخلّف إلّا كفنا واحدا ، اختصّ به دونها ، لما ستعرف من أنّ الميّت أحقّ بتركته بمقدار كفنه من غيره ، ولا يزاحمه حقوق الغير التي منها كفن زوجته ، وسبق حقّها لا يجدي في استحقاقها له كسائر الحقوق السابقة ، بل قد يقال : إنّ الأقوى ذلك أيضا لو فرض موته بعد وضع الكفن عليها بل بعد دفنها أيضا لو أمكن نزعه منها على وجه مشروع لا يستلزم هتكها ، إذ الظاهر ـ المعتضد بالأصل ـ عدم خروجه بمجرّد وضعه عليها من ملكه بحيث لو فقد الميّت أو أكله السبع ، انتقل إلى وارثه ، أو صار مجهول المالك ، إذ لا يجب على الزوج ـ على الظاهر ـ إلّا كسوتها بالكفن وإمتاعها إيّاه لا تمليكها ، لكنّه لا يخلو عن تأمّل.
وأمّا كفن سائر واجبي النفقة ما عدا الزوجة فقد عرفت آنفا أنّ وجوبه عليه ما لم يخلّف الميّت شيئا لا يخلو عن وجه وإن صرّح غير واحد بخلافه ، بل استظهر بعضهم عدم الخلاف فيه.
وكيف كان فهذا فيما عدا المملوك ، وأمّا المملوك فلا خلاف ظاهرا في أنّ كفنه على مولاه ، بل عن غير واحد من الأصحاب دعوى الإجماع عليه.