وجوبها غاية للفعل ولو على سبيل الاحتمال كي يتأمّل في صحّته على تقدير عدم المصادفة وإن كان الأقوى صحّته كما عرفت.
ولا يخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه في توجيه الوجه الأخير أنّه لا يخلو عن قوّة لكن ما تقدّمه أحوط ، والله العالم.
(و) اعلم أنّ المشهور بين الأصحاب ـ كما صرّح به غير واحد منهم ـ أنّ (كلّ مظهر للشهادتين) ولم يعلم منه عدم الإذعان بشيء منهما (وإن لم يكن معتقدا للحقّ) الذي يعتقده أهل الحقّ (يجوز تغسيله) بل يجب كفاية (عدا الخوارج والغلاة) والنواصب وغيرهم من الفرق المحكوم بكفرهم ولو بإنكار شيء من ضروريّات الدين ، فإنّه لا يجب حينئذ تغسيلهم ، بل لا يجوز ، فإنّ الكافر لا يغسّل إجماعا ، كما صرّح به غير واحد ، للأصل مع ظهور الأدلّة في غيره.
وقول الصادق عليهالسلام في خبر عمّار : «النصرانيّ يموت مع المسلمين لا تغسّله ولا كرامة ولا تدفنه ولا تقم على قبره وإن كان أبا» (١) وغيره من الأخبار الدالّة على أنّ الوجه في غسل الميّت تنظيفه وجعله أقرب إلى رحمة الله وأليق بشفاعة الملائكة ، وأنّه تطهير للميّت عن الجنابة الحادثة له عند الموت ، إلى غير ذلك ممّا يفهم منه عدم استحقاق الكافر للغسل مطلقا ، فلا إشكال في ذلك أصلا ، كما أنّه لا إشكال في وجوب تغسيل كلّ مؤمن معتقد لإمامة الأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام ، وإنّما الإشكال فيما هو المشهور بين الأصحاب ـ بل عن غير واحد دعوى إجماعهم عليه ـ من وجوب تغسيل كلّ مظهر للشهادتين من سائر فرق
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٣٥ ـ ٣٣٦ / ٩٨٢ ، الوسائل ، الباب ١٨ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١ ، بتفاوت.