وكيف كان فينبغي استثناء قبور الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام من القبور التي يكره البناء عليها وتجديدها ، فإنّ ضرورة المذهب قاضية برجحان تعمير مشاهدهم وحفظها عن الاندراس ، وتجديد عمارتها ، وكونها من أعظم الشعائر التي يجب تعظيمها فضلا عن شهادة الأخبار بذلك ، بل الظاهر أنّ قبور العلماء والصلحاء ونحوهم ـ ممّن رجّح شرعا بقاء رسمه والتقرّب بزيارته ـ أيضا كذلك ، بل ينبغي القطع بذلك بالنسبة إلى قبر مثل أبي الفضل العبّاس عليهالسلام وغيره من صالحي أولاد الأئمّة عليهمالسلام ، بل وكذا بعض خواصّ أصحابهم ، كسلمان وأبي ذرّ وحبيب بن مظاهر ونظرائهم ، فإنّه لا مجال للتشكيك في رجحان تعمير مشاهدهم ، بل كونه من أعظم الأسباب التي يتقرّب بها إلى الله تعالى ، كما يشهد به السيرة المستمرّة ، مع ما فيها من المصالح الأخرويّة ، بل يمكن استفادته من الأخبار الواردة بالنسبة إلى بعضهم ، الدالّة على فضل زيارتهم حيث تستفاد منها محبوبيّة كون قبورهم ـ كمشاهد الأئمّة ـ معظّمة معمورة لدى الشارع ، والله العالم.
(و) يكره (دفن ميّتين في قبر واحد) لقولهم عليهمالسلام : «لا يدفن في قبر اثنان» نقله الشيخ في محكيّ المبسوط مرسلا (١).
ومع الضرورة العرفيّة تزول الكراهة ، وقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال للأنصار يوم احد : «احفروا ووسّعوا وعمّقوا واجعلوا الاثنين والثلاثة في القبر الواحد» (٢).
__________________
(١) الحاكي عنه هو العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ١٥١ ، وانظر : المبسوط ١ : ١٥٥.
(٢) سنن النسائي ٤ : ٨٣ ، سنن البيهقي ٣ : ٤١٣ و ٤ : ٣٤ ، مسند أحمد ٤ : ١٩ و ٢٠ ، كنز العمّال ١٥ : ٥٩٩ / ٤٢٣٧٢ ، و ٧٣٣ ـ ٧٣٤ / ٤٢٩١٧.