وعلّله بعضهم بأصالة البراءة ، وبأنّ المعهود الوحدة في غسل الأحياء ، وبإطلاق الأمر بالاغتسال في النصّ والفتوى ، فيتحقّق مع الوحدة. وضعف الجميع واضح (١). انتهى.
أقول : أمّا ظهور النصّ والفتاوى في كونه غسل الميّت بقرينة الأمر بالحنوط والكفن : فغير بعيد وإن احتمل قويّا كونه غسل التوبة ، ونحوها ، واجتزئ به عن غسل الميّت خصوصا على القول باتّحاد ماهيّة الغسل.
وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أنّ المراد به في النصّ والفتاوى ليس إلّا الغسل بالماء القراح دون الغسل مع مزج الخليطين ، إذ من المستبعد جدّا بل المحال عادة في خصوص الفتاوى أن يكون المقصود بالغسل الأغسال الثلاثة من دون إشارة إليها ، مع أنّه لا ينسبق إلى الذهن من أمر الحيّ بالغسل ـ كما وقع في عبائرهم ـ إلّا الغسل بالماء القراح ، فكيف يجوز في مثل الفرض الإهمال في بيان المقصود اتّكالا على ظهور العبارة في إرادة غسل الميّت!؟ مع أنّه ـ على تقدير تسليم الظهور ـ لا دلالة فيها على إرادة الأغسال الثلاثة ، لاحتمال اختصاص الغسل بالممزوج بالميّت لخصوصيّة فيه ، وكون الغسل الحقيقي المؤثّر في رفع حدثه هو الغسل بالماء القراح ، فاستظهار اعتبار التثليث من إطلاق النصّ وفتاوى الأصحاب ـ كما زعمه غير واحد من المتأخّرين ـ غير سديد ، فالأظهر كفاية الغسل الواحد بالماء القراح وإن كان التثليث أحوط خروجا من شبهة الخلاف.
الثاني : لا إشكال في الاجتزاء بهذا الغسل عن الغسل بعد الموت ، كما يدلّ عليه النصّ والفتاوى ، ومقتضاه ترتّب أثر غسل الميّت عليه من طهارة بدن الميّت
__________________
(١) جواهر الكلام ٤ : ٩٥ ، وانظر : قواعد الأحكام ١ : ١٧.