وجوه الجمع في مثل هذه الأخبار المختلفة الواردة في مقام البيان إنّما هو الأخذ بمجامع الكلّ والالتزام بوجوبه ، وحمل ما اختلف فيه الروايات ـ من حيث التعرّض والعدم ـ على الفضل والاستحباب ، فلا يراعى فيها ما تقتضيه قاعدة حمل المطلق على المقيّد ونحوها ، ولذا صحّ للمشهور ادّعاء أنّ الواجب إنّما هو أن يحنّط مساجده السبعة دون غيرها ، بل عن جملة منهم عدم الخلاف فيه وإن ألحق بعضهم طرف الأنف بالمساجد ، كما عرفته ، مع ما فيه من الضعف.
لكنّ الإنصاف أنّه لو لا اعتضاد ظاهر موثّقة عبد الرحمن في انحصار الواجب بتحنيط المساجد ، لم يكن رفع اليد عنه والالتزام بوجوب تحنيط مفاصله كلّها ـ كما في جملة من الأخبار المتقدّمة التصريح به من دون معارضتها بشيء ـ بعيدا وإن كان لنا في أقربيّته من التصرّف في ظاهر الموثّقة الواردة في مقام البيان ـ ولو من دون اعتضاده بشيء ـ تأمّل بل منع.
فالمتّجه إنّما هو وجوب تحنيط المساجد السبعة التي منها طرفا الإبهامين.
وخلوّ بعض الأخبار ـ المتعرّضة لتفصيلها ـ عن ذكر هما ـ بعد كونهما من المساجد نصّا وإجماعا ، وتصريح الأصحاب بكونهما منها في خصوص المقام ـ غير ضائر.
وأمّا تحنيط ما عداها ممّا تضمّنته الأخبار فهو مستحبّ ، عدا ما تعلّق به النهي في بعضها ، فإنّه مكروه ، بل ينبغي الاحتياط بتركه ، كما عرفته فيما تقدّم.
ثمّ إنّ ظاهر المتن بل صريحه كصريح غيره أنّه لا مقدّر للواجب من الكافور ، بل يجزئ مسمّاه ، بل عن المشهور بين المتأخّرين (١) ذلك ، للأصل.
__________________
(١) الناسب إلى المشهور صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٨١.