به؟ فكتب إليّ «السقط يدفن بدمه في موضعه» (١) لوجوب تقييده بما إذا لم تستو خلقته ولم يتمّ له أربعة أشهر بقرينة ما عرفت إن أمكن ، وإلّا يتعيّن طرحها ، والله العالم.
(وإن) وجد بعض الميّت و (لم يكن فيه عظم) بل كان لحما مجرّدا ، فلا يجب تغسيله بلا خلاف فيه على الظاهر ، بل عن الغنية والخلاف والحدائق دعوى الإجماع عليه (٢) ، فلا ينبغي الالتفات حينئذ إلى كونه من جملة يجب غسل جميعها ، المقتضي لوجوب غسل ما تيسّر منها عند تعذّر الكلّ بحكم الاستصحاب وقاعدة الميسور ونحوها ، كما عرفت تقريبه في القطعة ذات العظم ، فإنّ إعمال الأصل والقاعدة في مثل هذه الموارد الخفيّة في مقابل جلّ الأصحاب بل كلّهم ينشأ من الاعوجاج والاستبداد بالرأي ، إذ كيف يعقل أن يفهم عرفا من هذه القواعد وجوب الغسل في مثل الفرض ولم يفهمه الأصحاب مع كون القواعد مغروسة في أذهانهم ، دائرة على ألسنتهم ، واصلة إلينا بواسطتهم ، عاملين بها في القطعة ذات العظم!؟ فإعراضهم عنها في مثل الفرض يكشف عن قصورها عن الشمول ، أو عثورهم على دليل يقتضي خلافها وإن كان بعيدا.
فالإنصاف أنّ العمل بمثل هذه القواعد في مثل هذه الموارد لا يجوز إلّا إذا اعتضدت بفهم الأصحاب وعملهم ، فلا ضير في إجرائها في مثل الفرض بالنسبة إلى التكفين والدفن ، لانجبارها فيهما بعملهم.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٠٨ / ٦ ، التهذيب ١ : ٣٢٩ / ٩٦١ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٥.
(٢) الحاكي عنها هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١١٣ ، وانظر : الغنية : ١٠٢ ، والخلاف ١ : ٧١٥ ـ ٧١٦ ، المسألة ٥٢٧ ، والحدائق الناضرة ٣ : ٤٢٧.