وإن كان مسيئا فاغفر له وتجاوز عنه ، واستغفر له ما استطعت» قال : «وكان عليّ ابن الحسين عليهماالسلام إذا أدخل الميّت القبر قال : اللهمّ جاف الأرض عن جنبيه وصاعد عمله ولقّه منك رضوانا» (١) إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.
(و) أمّا الكلام (في) نفس (الدفن) فهو في الجملة ممّا لا شبهة في وجوبه على الكفاية ، كسائر تجهيزات الميّت ، ولا يبعد أن يكون وجوبه إجمالا من الضروريّات.
وفيه (فروض وسنن ، فالفروض أن يوارى في الأرض) مواراة يكون من شأنها حفظه عادة عن أن يظهر بدنه بفعل السباع أو هبوب الرياح ونزول الأمطار ، ونحوها من العوارض العاديّة ، ولا يجزئ ستره تحت الأرض لا على الوجه المذكور ، إذ لا ينسبق إلى الذهن من إيجاب دفن الميّت إلّا هذا النحو من المواراة ، لا مطلق وضعه تحت التراب.
مضافا إلى معهوديّة اعتبار كونه كذلك في أذهان المتشرّعة بل وغيرهم ، فلا يفهم من أمر الشارع إلّا إرادة ما هو المعهود ، ولم يعهد من أحد الاجتزاء في دفن موتاه بمجرّد وضعه تحت التراب لا على نحو يحفظه عن السباع وغيرها.
وهذا المعنى ملزوم غالبا لعدم انتشار ريحه الذي هو إحدى فوائد الدفن ، كما أشار إليه الرضا صلوات الله عليه فيما روي عنه عن علل فضل بن شاذان «أنّه يدفن لئلّا يظهر الناس على فساد جسده وقبح منظره ، وتغيّر ريحه ، ولا يتأذّى به الأحياء بريحه وبما يدخل عليه من الآفة والفساد ، وليكون مستورا عن الأولياء و
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٩٤ / ١ ، التهذيب ١ : ٣١٥ / ٩١٥ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب الدفن ، الحديث ١.