الأعداء ، فلا يشمت العدوّ ولا يحزن الصديق» (١).
بل لو فرض تخلّف هذه الصفة عن الدفن المانع من ظهور الجسد عادة عند طروّ ما يتصوّر من الطواري المتعارفة ، للزم مراعاتها ، لكونها بنفسها من الفوائد المقصودة بالدفن ، كما يشهد بذلك ـ مضافا إلى الرواية المتقدّمة ـ تصريح جملة من الأعلام به ، بل عن غير واحد منهم دعوى الإجماع عليه.
ففي المدارك : قد قطع الأصحاب وغير هم بأنّ الواجب وضعه في حفيرة تستر عن الإنس ريحه ، وعن السباع بدنه بحيث يعسر نبشها غالبا ، لأنّ فائدة الدفن إنّما تتمّ بذلك (٢). انتهى.
فما في الجواهر ـ من تقوية كفاية مسمّى الدفن ، وعدم اعتبار الوصفين ، لعدم الدليل عليهما حيث لم يثبت في الدفن حقيقة شرعيّة ولا عرفيّة ، ولم يؤخذ شيء منهما في مفهومه لغة ، ولم يتحقّق الإجماع على شيء منهما بعد خلوّ كلام جملة من الأصحاب عن ذكرهما (٣) ـ ضعيف ، لما أشرنا إليه من أنّ المعهود لدى الناس في دفن موتاهم ليس إلّا ما كان جامعا للوصفين ، فلا ينصرف الذهن عند الأمر بدفن الميّت في كلمات الشارع والمتشرّعة إلّا إلى إرادة ما هو المعهود عند الناس ، بل لا يبعد دعوى كون ما هو المتعارف لديهم أخصّ من ذلك أيضا ، إلّا أنّ حكمته بحسب الظاهر ليست إلّا الاحتياط وشدّة الاهتمام بأمر الموتى ، بل قد أشرنا إلى أنّ المتبادر من الأمر بدفن الميّت مع قطع النظر عن العهد ليس إلّا إرادة
__________________
(١) علل الشرائع ٢ : ٢٦٨ / ٩ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب الدفن ، الحديث ١.
(٢) مدارك الأحكام ٢ : ١٣٣.
(٣) جواهر الكلام ٤ : ٢٩١.