ولا يعقل بقاء التكليف به بعد الإتيان به بقصد الامتثال ، إلّا أن تكون صحّة المنويّ مشروطة بسبق الإزالة ، وهو أوّل الكلام ، وقد تقدّم توضيح المقام في غسل الجنابة.
فاتّضح لك أنّ عمدة المستند إنّما هو النصوص والإجماعات المستفيضة.
بقي في المقام إشكال ، وهو : أنّه لا يتصوّر تظهير بدن الميّت قبل الغسل من النجاسة العرضيّة بناء على ما هو المشهور من كونه نجس العين ، فإنّ نجس العين لا يطهر ، ومن هنا استظهر كاشف اللثام من كلمات الأصحاب إرادة إزالة العين دون الأثر ، قال : إنّ بدن الميّت نجس منجّس للماء لا يطهر إلّا بعد التغسيل ، فالتقديم ممتنع ، إلّا أن نجوّز الطهارة من نجاسة دون اخرى ، ولم يعهد ، فالظاهر أنّ مراد الفاضلين وكلّ من ذكر تقديم الإزالة والتنجية أراد إزالة العين ، لئلّا يمتزج بماء الغسل وإن لم يحصل التطهير (١). انتهى.
واعترضه جلّ من تأخّر عنه : بأنّ الطهارة والنجاسة أمران توقيفيّان ، فلا استحالة في أن يتأثّر بعض الأعيان النجسة بملاقاة نجاسة أخرى ، ويرتفع أثره المكتسب بالعرض بغسله مرّة أو مرّتين كسائر المتنجّسات ، فلا مانع من الالتزام به بعد مساعدة الدليل.
والإنصاف عدم ورود الاعتراض عليه ، بل لا يخلو ما ذكره عن وجه ، إذ لم يدّع استحالته عقلا كي يرد عليه ما قيل ، بل ادّعى عدم معهوديّة الطهارة من نجاسة دون اخرى شرعا ، فلا يتعقّلها المتشرّعة ، ولا ينسبق إلى أذهانهم عند الأمر بغسل بدن الميّت وتنظيفه عن الدم ونحوه إرادتها.
__________________
(١) كشف اللثام ٢ : ٢٣٧.