الثاني : لا ريب في طهارة الميّت بتغسيله من وراء الثوب وعدم سراية النجاسة الحاصلة في الثوب ـ بمباشرة الميّت ـ إليه.
وهل يطهر الثوب بصبّ الماء عليه حال الغسل أم لا يطهر إلّا بعصره؟ وجهان ، بل قولان.
قال في محكيّ الروض : وهل يطهر الثوب بصبّ الماء عليه من غير عصر؟مقتضى المذهب عدمه ، وبه صرّح المحقّق في المعتبر في تغسيل الميّت في قميصه من مماثله (١). انتهى.
وعن الذكرى والروضة وجامع المقاصد وغيرها القول بطهارته بمجرّد الصبّ من غير حاجة إلى العصر ، لإطلاق الأخبار (٢).
قال في محكيّ الذكرى ـ بعد الاستشهاد بإطلاق الرواية ـ : وجاز أن يجري مجرى ما لا يمكن عصره (٣).
أقول : الذي يستفاد من الأخبار استفادة قطعيّة إنّما هو كفاية غسل الميّت من وراء الثوب وعدم الحاجة إلى تطهيره بعده عن النجاسة العرضيّة المكتسبة من ملاقاة الثوب ، فيفهم من ذلك عدم تأثّره من الملاقاة ، وإلّا لما أجاز فعله اختيارا ، بل كان يأمر بتطهيره بعد الغسل في تلك الأخبار ، فخلوّ الأخبار عن ذلك يدلّ على طهارته بالغسل ، وحيث يفهم منها ذلك يستفاد منها بالدلالة الالتزاميّة التبعيّة طهارة ما هو من توابع العمل ، كيد الغاسل وأدوات الغسل والثوب
__________________
(١) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٤ : ٥٤ ، وانظر روض الجنان : ٩٦ ، والمعتبر ١ : ٢٧١.
(٢) حكاه عنها صاحب الجواهر فيها ٤ : ٥٤ ، وانظر : الذكرى ١ : ٣٤٢ ، والروضة البهيّة ١ : ٤١٢ ، وجامع المقاصد ١ : ١٧٥ ، والحدائق الناضرة ٣ : ٤٤٨.
(٣) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ ٢٨٤ ، وانظر : الذكرى ١ : ٣٤٢.