يشقّ لي ضريحة ، فإن أبوا إلّا أن يلحدوا فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبرا ، فإنّ الله سيوسّعه ما يشاء» (١) فلعلّه كان لعلّة مخصوصة بمورده ، لا استحباب هذا الحدّ بالخصوص عموما وإن احتمل ذلك أيضا بأن يكون أفضل الأفراد.
لكن ينافيه على هذا التقدير ما رواه السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام «إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله نهى أن يعمق القبر فوق ثلاثة أذرع» (٢) كما أنّه ينافي التحديد بالقامة أيضا ، فإنّ الثلاثة أذرع بحسب العادة أقلّ من القامة ، بل هي قريبة من التحديد بالترقوة ، فمقتضى هذه الرواية كراهة ما زاد عليها ، لكنّها ـ لأجل المخالفة لفتوى الأصحاب ومعارضتها بما عرفت ـ لا تنهض حجّة لإثباتها ولو من باب المسامحة ، فتأمّل.
وربّما يوجّه ما رواه أبو الصلت بما لا ينافي الحدّين المتقدّمين بحمله على تقارب المراقي بعضها من بعض.
وفيه مع ما فيه من البعد يبعّده الأمر بجعل اللحد ذراعين وشبرا ، إذ من المستبعد جدّا أن يراد جعل مثل هذا اللحد في قبر لا يتجاوز عمقه ثلاثة أذرع ، والله العالم.
(و) منها : أن (يجعل له لحد) فإنّه أفضل من الشقّ مع صلابة الأرض ، بلا خلاف أجده ، كما في الجواهر (٣) ، بل إجماعا ، كما عن جماعة (٤) نقله.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٤٢ / ١ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب الدفن ، الحديث ٤.
(٢) الكافي ٣ : ١٦٦ / ٤ ، التهذيب ١ : ٤٥١ / ١٤٦٦ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب الدفن ، الحديث ١.
(٣) جواهر الكلام ٤ : ٣٠١.
(٤) الحاكي عنهم هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ٣٠١ ، وانظر : الخلاف ١ : ٧٠٦ ، المسألة ٥٠٣ ، والغنية : ١٠٦ ، وتذكرة الفقهاء ٢ : ٨٩ ، المسألة ٢٣٢ ، ومنتهى المطلب ١ : ٤٦١ ، والذكرى ٢ : ١٣ ، وجامع المقاصد ١ : ٤٣٩ ، وروض الجنان : ٣١٦ ، والحدائق الناضرة ٤ : ١٠٠.