ولا حضورهم ، أجزأه ، لكن ينبغي تقييد إطلاق المتن وغيره بما في معقد إجماع التذكرة ، كما نطق به موثّقة عمّار والفقه الرضوي من أن يغتسل الكافر أوّلا ثمّ يغسّله. ولعلّ الحكمة فيه زوال النجاسة العرضيّة التي لم يتحقّق الاضطرار بالنسبة إليها ، كما أنّه ينبغي تخصيص الكافر بالكتابيّ ، كما عن بعضهم (١) التصريح بذلك ، لاختصاص النصّ به ، بل إشعار خبر زيد لو لم نقل بدلالته عليه.
ودعوى عدم الفرق بين أنحاء الكفر ، لأنّ الكفر ملّة واحدة يشترك أهلها في انفعال الماء بملاقاته وحصول الغرض بفعله ، فلا يتعقّل الفرق بين أقسامه لا بيّنة عليها خصوصا على القول بطهارة الكتابيّ دون غيره ولا أقلّ من احتمالها ولو بعيدا ، وهو مانع من القطع بعدم الفرق ، بل كيف يمكن دعواه ولو على تقدير العلم بنجاسة الكلّ!؟ فإنّ الكتابيّ أقرب إلى الحقّ من غيره قطعا ، فلعلّ فيه مدخليّة في جواز مسّ ميّت المسلمين وتغسيله ، والله العالم.
ثمّ إنّ ظاهر النصوص والفتاوى بل صريحها هو أنّ الكافر عند فقد المسلم المماثل والمحرم يأتي بغسل الميّت ، أي الطبيعة التي كان يأتي بها المماثل والمحرم عند وجود هما ، لا ماهيّة أخرى مشابهة للغسل صورة أوجبها الشارع تعبّدا عند تعذّر الغسل ، فلا يفهم من النصّ والفتاوى بالنسبة إلى هذا الفرع إلّا ما يفهم منها بالنسبة إلى سائر الفروع ، كتغسيل الزوجة زوجها والرجل محارمه وهكذا ، فدعوى كون الغسل صوريّا في هذا الفرع ممّا لا ينبغي الالتفات إليها. وقضيّة كونه عين تلك الطبيعة المعهودة : حصول الإجزاء بفعله ، وسقوط الطلب الكفائيّ المتعلّق به عن عامّة المكلّفين ، وخروج الميّت من كونه بحكم الميّتة ومن أن
__________________
(١) حكاه في كشف اللثام ٢ : ٢١٧ عن ابن سعيد ، وانظر الجامع للشرائع : ٥٠.