الأغسال الثلاثة ، لكون الجميع عبادة ، كما يظهر وجهه ممّا عرفت ، وستعرف ضعف احتمال كون الغسل الحقيقي هو الأخير ، وأنّ المقصود بالأوّلين التنظيف ونحوه ، فالأظهر كون المجموع بأسرها أغسالا حقيقيّة يعتبر فيها القصد ، فلو أوجد بعضها بقصد الغسل فارتدع عن قصده وأتى بما عداه لا بقصد الغسل ، لم يجزئ.
وإن تعدّد الغاسل بأن كان الصابّ للماء ـ مثلا ـ غير المقلّب ، فالمعتبر إنّما هو قصد من يباشر العمل ويستند إليه الفعل. ولو استند إلى كلّ منهما مستقلّا بأن صدر مجموع الفعل من كلّ منهما مستقلّا ، يجزئ قصد أحد هما. ولو صدر من المجموع من حيث المجموع ، اعتبر قصد هما.
ولو كان أحد هما غير مكلّف بأن كان مجنونا أو صبيّا ولم نقل بشرعيّة عبادته ، فلا عبرة بقصده وعمله ، وإنّما المعتبر قصد الآخر ومباشرته للفعل على وجه يستند إليه ويعدّ غير المكلّف آلة له. وإن قلنا بشرعيّة عبادة الصبي ، فالاجتزاء بغسله قويّ ، والله العالم.
الكلام في كيفيّة غسل الميّت ، وهي مشتملة على الواجب والمندوب والمكروه.
أمّا الواجب : فهو أن يغسّل أوّلا (بماء السدر يبدأ برأسه ثمّ بجانبه الأيمن ثمّ الأيسر ، وأقلّ ما يلقى في الماء من السدر ما يقع عليه الاسم) يعني بعد أن القي في الماء ، لا في حدّ ذاته ، إذ كلّ ما يفرض منه ولو في غاية القلّة يقع عليه الاسم لذاته ، ولا يكفي جزما ، بل يعتبر بقاء اسمه وعدم استهلاكه بحيث يقع على المجموع اسم ماء السدر.
ويحتمل أن يكون المراد من الاسم في العبارة اسم ماء السدر ، فلا يحتاج