أيغسّل أم يفعل به ما يفعل بالشهيد؟ فقال : «إذا قتل في معصية الله يغسل أوّلا منه الدم ثمّ يصبّ عليه الماء صبّا» (١) الحديث.
فهذا ممّا لا إشكال فيه ، بل لعلّ المتبادر من القتل في سبيل الله ليس إلّا إرادة الجهاد.
نعم ، لا يعتبر على الظاهر كونه عند تقابل العسكرين ، فلو قتل واحد من عسكر المسلمين قبل تقابل العسكرين مثلا ـ كما لو كان عينا لهم ـ فالظاهر شمول إطلاق الأخبار له وإن كان ربما يستشعر من قوله عليهالسلام : «إلّا ما قتل بين الصفّين» (٢) خلافه ، لكن لا يبعد جري هذه الرواية مجرى الغالب.
ثمّ إنّ المعتبر إنّما هو موته قبل أن يدركه المسلمون ، كما نطق به جملة من الأخبار المتقدّمة ، لكن لا يبعد أن يكون المراد من إداركه المسلمون : إخراجه من المعركة أو إدراكه حيّا بعد انقضاء الحرب عند تفقّد القتلى ، لا مجرّد الحضور عنده في أثناء الحرب وبه رمق وقد مات في المعركة ، كما يشهد له إطلاق قوله عليهالسلام في رواية أبي خالد : «إلّا ما قتل بين الصفّين» (٣) خلافا لظاهر المحكيّ (٤) عن جماعة من القدماء والمتأخّرين ، فاكتفوا في وجوب التغسيل بمجرّد إدراكه حيّا ولو في أثناء الحرب ، لإطلاق الأخبار.
وفيه نظر ، لما أشرنا من إمكان دعوى أنّ المتبادر منها ليس إلّا إرادة
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٧ ، الإستبصار ١ : ٢١٣ / ٧٥٣ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.
(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ١١٦ ، الهامش (٤).
(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ١١٦ ، الهامش (٤).
(٤) الحاكي هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ٩٠ ، وانظر : المقنعة : ٨٤ ، والمهذّب ١ : ٥٥ ، والذكرى ١ : ٣٢٠ ، وروض الجنان : ١١٠.