للضرورة فضلا عن الإجماع وغيره ، فهل سمع أحد أن يطرح أحد من الشيعة أقوال الأئمّة المعصومين عليهمالسلام لمجرّد موافقة العامّة؟ كيف! وكثير من أخبارنا التي نعمل بها غير مخالف لهم جزما ، بل لو كانت موافقة العامّة موجبة للطرح من دون معارض ، لما جاز العمل بشيء من الروايات الواصلة إلينا إلّا بعد عرضه على مذهبهم وإحراز مخالفته لهم ، وهو بديهيّ الفساد.
مضافا إلى اقتضائه امتناع تأخّر مرتبة الترجيح بمخالفة العامّة عند تعارض الخبرين عن سائر المرجّحات ، كما في جملة من الأخبار العلاجيّة ، ضرورة خروج الموافق على هذا التقدير من الحجّيّة في حدّ ذاته ، فكيف يقدّم على الخبر المخالف الجامع للشرائط (١) عند أشهريّته أو أعدليّته راويه!؟
وأمّا الأخبار الآمرة بعرض الخبر على مذهبهم فلا بدّ من توجيهها بما لا ينافي سائر الأدلّة ، كما هو واضح.
(ولا يجوز الاقتصار على أقلّ من الغسلات المذكورة) كما عرفته مفصّلا (إلّا عند الضرورة) كما لو لم يجد إلّا ماء غسلة واحدة أو غسلتين ، فيقتصر حينئذ على الأقلّ ، ولا يجوز ترك الغسل رأسا ، للاستصحاب ، وقاعدة الميسور ، و «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه».
لكن ربما يخدش في جريان الاستصحاب ـ بناء على كون الأغسال الثلاثة مجموعها عملا واحدا ـ بأنّ وجوب البعض حال التمكّن كان غيريّا ، وهو فعلا معلوم الانتفاء ، والوجوب النفسي الذي نقصد بالاستصحاب إثباته مشكوك الحدوث.
__________________
(١) في «ض ٧ ، ٨» : «لشرائط الحجّيّة».