لكنّه بظاهره ينافي المرسلة المتقدّمة ، وتقييد إطلاقه بتلك المرسلة حتّى يثبت به مدّعاهم ليس بأولى من عكسه.
اللهمّ إلّا أن يقال بعدم صلاحيّة هذه الرواية قرينة لصرف المرسلة ـ المعمول بها عند الأصحاب ـ عن ظاهرها فضلا عن صلاحيّتها للمعارضة ، لقصورها عن مرتبة الحجّيّة ، وإنّما صير إلى القول بتقديم عود الرّمان على غيره في غير مورد المزاحمة من باب الاحتياط والمسامحة في أدلّة السنن.
وكيف كان فلا ريب في أولويّة مراعاة هذا الترتيب وإن لم نقل بلزومه.
ثمّ إنّ ظاهر أغلب الروايات بل صريحها اشتراط كون الجريدتين رطبتين ، أي خضراوين ، فلا تجزئ اليابستين.
ويدلّ عليه ـ مضافا إلى ذلك ـ : خبر محمّد بن عليّ بن عيسى ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن السعفة اليابسة إذا قطعها بيده هل يجوز للميّت توضع معه في حفرته؟ فقال : «لا يجوز اليابس» (١).
والظاهر عموم استحباب الجريدتين للكبير والصغير ، ولا ينافيه التعليل :بطرد العذاب في الروايات التي سمعتها ، فإنّ هذا النحو من العلل ـ بحسب الظاهر ـ لا يراد منها إلّا بيان حكمة شرعيّة الحكم ، ولا يراعى فيها الاطّراد كي ينافي شرعيّته في الصغير الذي لا يحتمل في حقّه العذاب كالكبير الذي لا يحتمل في حقّه ذلك إمّا لموته بعد التوبة أو لعصمته ، ولذا صنعه الأنبياء المعصومون من لدن آدم إلى الخاتم صلوات الله عليهم أجمعين ، وصارت سنّة متّبعة ، كما يدلّ عليه
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٣٢ / ١٣٨١ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب التكفين ، الحديث ١.