منعنا كون الغسل المتقدّم عينه ، فالظاهر أيضا كذلك ، إذ لا دليل على وجوب تطهير الميّت عن حدث الجنابة كفاية على عامّة المكلّفين.
وما ورد في الأخبار من تعليل غسل الميّت بصيرورته جنبا عند خروج روحه (١) وإن اقتضى ـ بمقتضى مفهوم العلّة ـ وجوب تطهيره من حدث الجنابة لكنّها من العلل التعبّديّة التي لا تنالها عقولنا ولا يدور مدارها الأحكام الشرعيّة ، مع أنّ مقتضاها سقوط غسل الجنابة في مثل الفرض وإن حدثت بسبب سابق على الموت ، بل ولو بعد الغسل لو لم نقل بانتقاض الغسل به ، كما لعلّه لا يخلو عن وجه. والاحتياط لا ينبغي تركه في جميع الصور ، والله العالم.
الثالث : أنّ تقديم هذا الغسل هل هو رخصة كما عن بعض المتأخّرين (٢) أو عزيمة كما نسب إلى ظاهر الأكثر وصريح بعض؟ (٣).
واستدلّ له بظهور النصّ والفتاوى في الوجوب. وفي دلالتها عليه تأمّل.
الرابع : هل يجب الأمر بالغسل ـ قبل القتل ـ على الإمام أو نائبه كما عن بعض (٤) ، أو مطلقا كما اختاره بعض (٥) ، أم لا يجب؟ أقوال ، أقواها : الأخير ، للأصل وخلوّ النصّ ـ الذي هو مستند الحكم ـ عن ذكره.
نعم ، لو قلنا بوجوب التقديم ، ربما يجب الأمر به من باب الإرشاد أو الأمر
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٦١ ـ ١٦٣ / ١ ، علل الشرائع : ٣٠٠ ـ ٣٠١ (الباب ٢٣٨) الحديث ٥ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٢ و ٨.
(٢) الحاكي هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ٩٩ ، وانظر : الذكرى ١ : ٣٢٩ ، وكشف اللثام ٢ : ٢٢٩.
(٣) الناسب هو صاحب كشف اللثام فيه ٢ : ٢٢٩ ، وانظر : المراسم : ٤٦ ، والسرائر ١ : ١٦٧.
(٤) حكاه صاحب الجواهر فيها ٤ : ٩٩ عن المحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٣٦٦ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ١١٣.
(٥) كصاحب الجواهر فيها ٤ : ٩٩.